كتاب تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (اسم الجزء: 1)

اتخذت منطقا ليعفى أثرها على سارة فأمر ابراهيم سارة ان تبرّ قسمها بثقب أذنيها وخفاضها ففعلت فصار ثقب الاذان والخفاض سنة فى النساء كذا فى شفاء الغرام* وفى الانس الجليل غارت منها سارة فحلفت أن تملأ يدها من دمها فقال ابراهيم خدنيها واختنيها لكى يكون سنة بعد كما وتتخلصين من يمينك ففعلت فكانت هاجر أوّل من اختتنت من النساء وابراهيم أوّل من اختتن من الرجال* وقال السهيلى هاجر أوّل امرأة ثقبت اذنها وأوّل من خفض من النساء وأوّل من جرّ ذيلها ومع ذلك لم يسكن جاش سارة ولم تزل تغير عليها وتغتم حتى آل الامر الى أن هاجر ابراهيم بهاجر واسماعيل الى الارض التى هى الآن حرم مكة* وفى العرائس قال العلماء من أهل الكتب حملت سارة باسحاق وقد كانت هاجر حملت باسماعيل فوضعتا معا ومشى الغلامان ينتضلان وكان ابراهيم قد سابق بينهما فسبق اسماعيل اسحاق فأخذه ابراهيم وقبله ووضعه على ركبته فقالت له سارة تجلس اسماعيل على ركبتك دون ولدى اسحاق ولى عليك أن لا تسوءنى ولا تغايرنى وأخذها ما يأخذ النساء من الغيرة فحلفت أن لا بدّ لها ما تغير خلقها ولتقطعنّ بضعة منها فلما سكن غضبها وثاب اليها عقلها ندمت على ما كان منها من اليمين وبقيت حائرة فى ذلك فقال لها ابراهيم اخفضيها واثقبى أذنيها ففعلت فصار ذلك سنة فى النساء قالوا ثم ان اسماعيل واسحاق اقتتلا ذات يوم كما يفعله الصبيان فغضبت سارة على هاجر وقالت لا تساكنينى بعد يومك هذا ثم أمرت ابراهيم أن يحوّلها ويغرّبها فأوحى الله الى ابراهيم أن ائت بهاجر وابنها الى مكة ففعل وسيأتى التصريح بأن اسماعيل أكبر من اسحاق* وفى الاكتفاء لما أراد الله عز وجل أن يبوّئ لابراهيم مكان البيت وأعلامه أوحى اليه يأمره بالمسير الى بلده الحرام فركب ابراهيم البراق وحمل اسماعيل أمامه وهو ابن سنتين وقيل وهى ترضعه وهاجر خلفه ومعه جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم* وفى زبدة الاعمال عن عثمان بن ساج قال بلغنا والله أعلم أن ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام عرج به الى السماء فنظر الى الارض مشارقها ومغاربها وذلك قوله تعالى وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين فاختار موضع الكعبة فقالت له الملائكة يا خليل الرحمن اخترت حرم الله فى الارض قال فبناه من حجارة سبعة أجبل ويقال خمسة فكانت الملائكة تأتى بالحجارة الى ابراهيم عليه السلام من تلك الجبال* وفى تفسير القشيرى وحياة الحيوان وغيرهما أن ابراهيم لما هاجر بولده اسماعيل وأمّ ولده هاجر الى مكة مرّ على قوم من العمالقة فوهبوا لاسماعيل عشرة أعنز فجميع أعنز مكة من نسلها* وفى الاكتفاء كان لا يمرّ بقرية الا قال ابراهيم بهذه أمرت يا جبريل فيقول لا حتى قدم به مكة وهى اذ ذاك عضاه وسلم وسمر والعماليق يومئذ حول الحرم وهم أوّل من نزل مكة ويسكنون بعرفة وكانت المياه يومئذ قليلة وكان موضع البيت قد دثر وهو ربوة حمراء مدرة وهو مشرف على ما حوله فقال جبريل حين دخل من كداء وهو الجبل الذى يطلعك على الحجون والمقبرة بهذا أمرت قال ابراهيم بهذا أمرت قال نعم فانتهى الى موضع البيت فعمد ابراهيم الى موضع الحجر فآوى فيه هاجر واسماعيل وأمر هاجر أن تتخذ عريشا* وفى معالم التنزيل فوضعهما ابراهيم عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى أعلا المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ولا عمارة ولا زراعة* وفى رواية وضعهما عند تل ستبنى الكعبة عليه* وفى الاكتفاء فلما أراد ابراهيم أن يخرج ورأت أمّ اسماعيل أنه ليس بحضرتها أحد من الناس ولا ماء ظاهر تركت ابنها فى مكانه وتبعت ابراهيم فقالت يا ابراهيم الى من تدعنا فسكت عنها حتى اذا دنا من كداء قال الى الله عز وجل أدعكم قالت فالله أمرك بهذا قال نعم قالت فحسبى تركتنا الى كاف وانصرفت هاجر الى ابنها وخرج ابراهيم حتى وقف على

الصفحة 93