كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وأشار إلى هذه الإمام الصرصري في لاميته بقوله:
وَعِشْرُونَ أَلْفاً أَسْلَمُوا حِينَ عَايَنُوا ... جِنَازَتَهُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مُضَلَّلِ
وصَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ أَلْفِ مُوَحِّدٍ ... وسِتُّ أَمْيِ أَلْفٍ فَأَعْظِمْ وَأَكْمِلِ
فَقَدْ بانَ بَعْدَ المَوْتِ لِلنَّاسِ فَضْلُهُ ... كَمَا كَانَ حَيًّا فَضْلُهُ ظاهرٌ جَلِي
أَقَرَّ لَهُ بالفَضْلِ أَعْيانُ وَقْتِهِ ... وأَثْنَوا عَلَيْهِ بِالثَّنَاءِ المُبَجَّلِ
وقد أكثر الأئمةُ من الثناء على الإمام أحمد، فقال الإمام الشافعي: خرجت من بغداد وما خَلَّفت فيها أحداً أورعَ ولا أتقى ولا أفقه -وأظنه قالَ: ولا أعلمَ- من أحمدَ بنِ حنبل (١).
وقال: ما خلفت بالعراق أحداً يشبه أحمدَ (٢).
وقال الربيع: قال لنا الشافعي: أحمدُ إمامٌ في ثمانِ خِصالٍ: إمامٌ في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة (٣).
---------------
= ولا يُعرف، وماذا بالوركاني المشهور محمد بن جعفر الذي مات قبل أحمد بن حنبل بثلاث عشرة سنة، وهو الذي قال فيه أبو زرعة: كان جاراً لأحمد بن حنبل. ثم العادة والعقل تحيل وقوع مثل هذا، وهو إسلام ألوف من الناس لموت وليٍّ لله، ولا ينقل ذلك إلا مجهول لا يعرف، فلو وقع ذلك، لاشتهر ولتواتر؛ لتوفر الهمم والدواعي على نقل مثله، بل لو أسلم لموته مئة نفس، لقضي من ذلك العجب، فما ظنك؟! ".
(١) رواه ابن أبي يعلى الحنبلي في "طبقات الحنابلة" (١/ ١٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٢٧٢)، وابن نقطة في "التقييد" (ص: ١٦٠).
(٢) انظر: "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (٩/ ٣١)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٥/ ٢٧١).
(٣) انظر: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (١/ ٥).

الصفحة 16