كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وقال: قد أيد الله هذا الدين برجلين لا ثالثَ لهما: أبو بكر يومَ الردة، وأحمدُ يوم المحنة (١).
وقال أيضاً: ما قام أحدٌ من الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قام أحمد، فقيل له: ولا أبو بكر؛ فقال: ولا أبو بكر؛ فإنه كان له أعوانٌ، ولم يكن لأحمدَ أعوان (٢).
والثناء على الإمام أحمد أزيدُ من [أن] يذكر، وأكثر من أن يحصر، وورعه وزهده وإعراضه عن الدنيا معروف، وكان - رضي الله عنه - إذا رأى نصرانياً، غمض عينيه، فقيل له في ذلك، فقال: لا أقدر أن أنظر إلى من افترى على الله كذباً (٣)، وكان يُؤْثِر الخمولَ، فلا يحب أن يجريَ له ذكر.
ودخل عليه عمه يوماً ويدُه تحت خَده، فقال له: ما هذا؟ فرفع رأسه وقال: طوبى لمن أخمل ذكره (٤).
وكان يقول: الأعمالُ بخواتيمها، وكان كثيراً ما يقول: رب سلِّم سلِّمْ (٥).
وقال ابنه عبد الله: سمعت أبي يقول: وددت أَني نجوتُ من هذا الأمر كَفافاً، لا علي ولا لي (٦).
---------------
(١) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ٤١٨)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٢٧٨).
(٢) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ٤١٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٢٧٨).
(٣) انظر: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (١/ ١٢، ٥٦).
(٤) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٣٠٨ - ٣٠٩): أن رجلاً دخل على أحمد ... إلخ.
(٥) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ١٨١ - ١٨٢).
(٦) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ١٨٣ - ١٨٤).

الصفحة 20