كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

وقال: كان أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاث مئةِ ركعة، فلما ضعف، صلى مئة وخمسين، قال: ولما كبر أبي، زادَ في الاجتهاد (١).
وكان للإمام أحمد كراماتٌ ظاهرة، وحالات باهرة؛ كان بعضُهم يكتب عندَه، فانكسر قلمُه، فأعطاه قلماً آخر، فروي أنه وضعه على نخلة لم تكن تحملُ فحملت.
وسئل الدعاءَ لمُقْعَدَةٍ فقال: نحنُ أحوج إلى الدعاء، ثم دخلَ فدعا لها، فلما ذهب السائل إلى المرأة، دق عليها الباب، فخرجت برجليها وفتحت، فقالت: قد وهب الله - تعالى - العافيةَ (٢).
واحترق بيتٌ بما فيه، فلم يسلَمْ من الحريق إلا ثوبُ الإمام أحمدَ، فنظروا فإذا هو على السرير، والنار قد أكلت ما حولَه ولم تتعرضْ له.
وكم له من كرامة! كيف لا وقد قال للكرى: مَهْ، وأطاع مولاه، وشكره على ما أولاه، وناداه فما رد نداه، وأعطاه ما توخاه، ودفع عنه ما آذاه، - فرضوانُ الله عليه وعلى من والاه -.
وقد قال قتيبةُ وأبو حاتم: إذا رأيتَ الرجلَ يحب الإمام أحمدَ بنَ حنبلٍ، فاعلمْ أنه صاحبُ سُنة (٣).
---------------
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ١٨١)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٣٠٠).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ١٨٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٢٩٩ - ٣٠٠).
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (١/ ٣٠٨) عن قتيبة بن سعيد. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٢/ ١٤) عن أبي حاتم سهل بن محمد.

الصفحة 21