كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

فَاليومَ بَعْدَكَ جَمْرُ الغَيِّ مُضْطَرِمٌ ... بَادي الشرارِ وَرُكْنُ الرُّشْدِ مُضْطَرِبُ
فَلْيَبْكِيَنْكَ رَسُولُ اللهِ ما هَتَفَتْ ... وُرْقُ الحَمامِ وتَبْكي العُجْمُ والعَرَبُ
لَمْ تَفْتَرِقْ بِكُما حالٌ فَمَوْتُكُما ... في الشهْرِ واليومِ هذا الفَخْرُ والحَسَبُ
أَحْيَيْتَ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِ ما دُفِنَتْ ... وَشِدْتَها وَقَدِ انْهَدَّتْ لَها رُتَبُ
وَصُنْتَها عَنْ أَباطيلِ الرُّواةِ لَها ... حَتى اسْتَنَارَتْ فَلا شَكٌّ ولا رِيَبُ
ما زِلْتَ تَمْنَحُها أَهْلاً وَتَمْنَعُها ... مَنْ كانَ يُلْهيه عَنْها الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
قَوْمٌ بِأَسْمَاعِهِمْ عَنْ سَمْعِها صَمَمٌ ... وفي قُلوبِهِمُ مِنْ حِفْظِها قُضُبُ
تَنُوبُ عَنْ جَمْعِها مِنْهُمْ عَمائِمُهُمْ ... أَيْضاً وَتُغْنِيهِمُ عَنْ دَرْسِها اللقَبُ
يا شامِتينَ وَفينا مَنْ يَسُوءُهُمُ ... مُسْتَبْشِرينَ وهَذَا الدَّهْرُ مُحْتَسِبُ
ليسَ الفَناءُ بِمَقْصورٍ على سَبَبٍ ... ولا البَقاءُ بِمَمْدودٍ له سَبَبُ
ما ماتَ مَنْ عِزُّ دِينِ اللهِ يعْقبُهُ ... وإِنَّمَا المَيْتُ منكُمْ مَنْ لَهُ عَقِبُ
وَلا يُقَوَّضُ بَيْتٌ كانَ يَعْمَدُهُ ... مِثْلُ العِمادِ وَلا أَوْدَى لَهُ طُنُبُ
عَلَى العَلِيِّ جَمَالِ الدينِ بَعْدَكُما ... تَحْيَا العُلومُ بِمُحْيِي الدِّينِ والعَرَبُ
ويَسْبِقُ الخَيْلَ تَالِيهَا وَإِنْ بَعُدَتْ ... وَغَايَةُ السَّبْقِ لا تَعْبَا لَهُ النُّجُبُ
مِثْلَ الدَّرَاري السَّوارِي شَمْلُها أَبَداً ... نَجْمٌ يَغُورُ ويَبْقَى بَعْدَهُ شُهُبُ
مِنْ مَعْشَرٍ هَجَرُوا الأَوْطانَ وَانْتَهَكوا ... حِمَى الخُطُوبِ وأَبْكارَ العُلا خَطَبُوا
شُمُّ العَرَانِينِ بُلْجٌ لَوْ سَأَلْتَهُمُ ... بَذْلَ النُّفُوسِ لَمَا هابُوا بأَنْ يَهَبُوا
بِيضٌ مَفَارِقُهُمْ سُودٌ عَواتِقُهُمْ ... يَمْشي مُسابِقُهُمْ مِنْ حَظِّهِ التعَبُ
نورٌ إذا سُئِلوا نارٌ إذا حَمَلُوا ... سُحْبٌ إذا نَزَلوا أُسْدٌ إذا رَكِبوا
الموقِدُونَ ونارُ الخَيْرِ خامِدَةٌ ... والمُقْدِمون ونارُ الحربِ تَلْتَهِبُ
هذَا الفَخارُ فإنْ تَجْزَعْ فَلا حَرَجٌ ... على مُحِبٍّ وإِنْ تَصْبِرْ فَلا عَجَبُ

الصفحة 44