كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

والتمستُ الثالثَ فلم أجدْه، فأخذتُ رَوْثَةً، فأتيتُه بها، فأخذ الحجرينِ، وألقى الروثةَ، وقال: "هذا رِكْسٌ" (١).
وذكره الدارقطني في "سننه"، وقال فيه: وألقى الروثة، وقال: "إِنها رِجْسٌ، ائْتِني بِحَجَرٍ" (٢).
وأخرجه الإمام أحمدُ في "مسنده" عن ابنِ مسعودٍ، وفيه: وألقى الروثةَ، وقال: "إِنها رِكْسٌ ائتِني بحجرٍ" (٣)، ورجالُه ثقاتٌ أثباتٌ.
فسقط احتجاجُ الإمام الطحاوي من أئمة محدثي الحنفية باستدلاله بإلقاء الروثة على عدم اشتراط الثلاثة، قال: لأنه لو كان مشترطاً، لطلب ثالثاً (٤).
على أن في استدلاله من حيثُ هو نَظَرٌ؛ لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب الثلاثة، ولم يجد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصودَ بالثلاثة أن يمسحَ بها ثلاثَ مسحات، وذلك حاصلٌ ولو بواحد، والدليل على صحته: أنه لو مسح بطرفٍ واحدٍ ورماه؛ فجاء شخصٌ آخرُ فمسح بطرفه الآخرِ، لأجزأَهما بلا خلاف (٥).
والحاصلُ: اعتبار التثليث في الاستجمار، وبه قال إمامنا الإمام أحمدُ،
---------------
(١) رواه البخاري (١٥٥)، كتاب: الوضوء، باب: الاستنجاء بالحجارة.
(٢) رواه الدارقطني في "سننه" (١/ ٥٥)، إلا أنه قال: "إنها ركس" كلفظ الإمام أحمد الآتي.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٤٥٠).
(٤) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (١/ ١٢٢)، ونصُّه: " .. لأنه لو كان لا يجزىء الاستجمار بما دون الثلاث، لما اكتفى بالحجرين".
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٥٧).

الصفحة 61