كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

والإمام الشافعي، وأصحاب الحديث؛ لِما ذكرنا من الأحاديث.
قال الخطابي: لو كان القصدُ الإنقاءَ فقط؛ لخلا اشتراطُ العدد عن الفائدة، فلما اشترط العدد لفظاً، وعلم الإنقاء فيه معنى، دل على إيجاب الأمرين، ونظيرُه العِدةُ بالأقراءِ؛ فإن العدد يشترط ولو تحققت براءة الرحمِ بقَرْءٍ واحد (١).
غريبة: حمل بعضُ العلماء الاستجمارَ على استعمال البَخور للتطيب؛ فإنه يقالُ فيه: تَجَمَّرَ واستجْمَرَ؛ فقد روي عن الإمام مالك، قال القاضي عياض: اختلف قولُ مالكٍ وغيرِه في معنى الاستجمار في هذا الحديث، فقيل: هذا يعني الذي فسرناه أولاً، وقيل: المرادُ به في البخور: أن يأخذَ منهُ ثلاثَ قطع، أو يأخذَ منه ثلاثَ مرات، يستعمل واحدة بعد أخرى، والأول أظهر، انتهى (٢).
(وَإِذَا اسْتَيْقَظَ): استفعل؛ من اليقظة، والاستيقاظُ هو الانتباهُ (أَحَدُكُمْ) معشرَ المكلفين (مِنْ نَوْمِهِ)، قال بعضُهم: حقيقةُ النوم: استرخاءُ البدن، وزوالُ الاستشعار، وخفاء كلام مَنْ عندَه، والنعاسُ مقدمتُه (٣)، وهو ريح لطيفٌ يأتي من قِبَلِ الدماغ يغطي على العين، ولا تصل إلى القلب، فإذا وصلت إلى القلب، كانت نوماً، فيختص الحكمُ بالنوم دون النعاس، ولو كثيراً.
---------------
(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ١٢ - ١٣)، ونص الإمام الخطابي مختلف عما أورده الشارح هنا؛ لأنه نقله من اختصار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٢٥٧) لكلام الخطابي.
(٢) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (٢/ ٣٠).
(٣) انظر: "روضة الطالبين" للإمام النووي (١/ ٧٤).

الصفحة 62