كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: مقدمة)

المبحث الثالث
عقيدته ومذهبه
كان الإِمام السفاريني - رحمه الله - ناصراً للسنة، قامعاً للبدعة، قوالاً بالحق (١)، فكان حنبليَّ الأصول، يقرر عقيدته على طريقة أهل الحديث، باتباع المأثور، واقتفاء السلف الصالح في سائر الأمور (٢)، وهو القائل - رحمه الله -: [من الطويل]
عليكَ بآثارِ الرسول وصحبهِ ... ودع عنكَ آراءَ الرجالِ فتغلِبُ
وإنْ شئتَ أَنْ تخترْ لنفسِكَ مذهَباً ... فقولُ ابنِ حنبلْ يا أخا العلمِ أصوَبُ (٣)
ويقول - رحمه الله -: اعلم أن مذهب الحنابلة هو مذهب السلف، فيصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسولُه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، فالله تعالى ذاث لا تشبه الذوات، متصفةٌ بصفات الكمال التي لا تشبه الصفات من المحدثات، فإذا ورد القرآن العظيم، وصحَّت سنةُ النبيِّ الكريم، عليه أفضلُ الصلاة والتسليم بوصف للباري جلَّ شأنه، تلقيناه بالقبول والتسليم، ووجب إثباتُه له على الوجه الذي ورد، ونَكِلُ معناه للعزيز الحكيم، ولا نعدل به عن حقيقة وصفه، ولا نُلْحِدُ في
---------------
(١) انظر: "المعجم المختص" للزبيدي (ص: ٦٤٦).
(٢) انظر: "ثبت السفاريني" (ص: ٢٩).
(٣) انظر: "الذخائر لشرح منظومة الكبائر" للسفاريني (ص: ٣٨٢).

الصفحة 21