كتاب النكت الوفية بما في شرح الألفية (اسم الجزء: 1)

غيري، ثمَّ لما أُطلقَ تحوّلَ فسكنَ بيتَ المقدسِ، وقالَ ابنُ عساكرَ: كانَ للكرّاميةِ رباطٌ ببيتِ المقدسِ، وكانَ هناكَ رجلاً يقالُ لهُ: هجَّامٌ، يحسنُ الظنَّ (¬1) بهمْ، فنهاهُ الفقيهُ نصرٌ (¬2)، فقالَ: إنَّما لي الظاهرُ. فرأى (¬3) هجّامٌ بعدَ ذَلِكَ أنَّ في رباطِهِمْ حائطاً فيهِ نباتُ النرجسِ، فاستحسنَهُ، فمدَّ يدَهُ فأخذَ منهُ شيئاً، فوجدَ أصولَهُ في العذرةِ، فقالَ لهُ الفقيهُ نصرٌ: الذي قلتُ لكَ تعبيرُ رؤياكَ، ظاهرُهم حسنٌ، وباطنُهمْ خبيثٌ، قالَ ابنُ عساكرَ: ولما دخلَ القدسَ، سمعَ النَّاسَ منهُ حديثاً كثيراً، فجاءهُ إنسانٌ فسألهُ عن الإيمانِ، فلمْ يجبهُ ثلاثاً، ثمَّ قالَ: الإيمانُ قولٌ. فلما سمعوا ذَلِكَ حَرَّقوا (¬4) الكتبَ التي كتبوا عنهُ، ونفاهُ والي الرملةِ إلى زُغَرٍ (¬5) فماتَ بها)) (¬6).
قالَ الذهبيُّ: ((سنةَ خمسٍ وخمسينَ ومئتينِ، وعكف أصحابُهُ على قبرهِ مدةً)) (¬7). وقالّ القاضي عضدُ الدينِ في " المواقفِ " (¬8) والسيدُ في / 184 أ /
" شرحهِ ": ((وقالوا - أي الكرّاميةُ -: الإيمانُ قولُ الذرِّ في الأزلِ: بلى. أي: الإيمانُ هوَ الإقرارُ الذي وُجِدَ منَ الذَرِّ حينَ قالَ تعالى لهمْ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} (¬9)، وهو باقٍ في الكلِّ على السويةِ،
¬__________
(¬1) كلمة: ((الظن)) لم ترد في (أ) و (ب)، وهي في (ف)، واللسان، وجاءت هذه الكلمة في تاريخ دمشق: ((ظنه)).
(¬2) جاء في حاشية (أ): ((أي: المقدسي)).
(¬3) أي في المنام، كما في تاريخ دمشق.
(¬4) هكذا في (أ) و (ب) وتاريخ دمشق، وفي (ف) واللسان: ((خَرَّقوا)).
(¬5) بوزن زُفَر، وآخره راء مهملة: قرية بمشارف الشام، في طرف البحيرة المنتنة، وتسمّى البحيرة بها، وهي قرب الكرك. مراصد الاطلاع 2/ 667.
(¬6) لسان الميزان 7/ 464 - 465، وانظر: تاريخ دمشق 58/ 97 - 98.
(¬7) ميزان الاعتدال 4/ 21.
(¬8) المواقف: 429.
(¬9) الأعراف: 172.

الصفحة 565