كتاب النكت الوفية بما في شرح الألفية (اسم الجزء: 1)
المخلوقاتِ، فكما أنّ العينَ مدركةٌ بالقوةِ فإذا وجدَ النورُ الحسيُّ يخرجُ إدراكَها إلى الفعلِ، فكذا القلبُ، أي: النفسُ الإنسانيةُ مع هذا النورِ العقليِّ)).
وقولهُ: ((يبتدأ بهِ)) فابتدَاءُ إدراك الحواسِ ارتسامُ المحسوسِ في الحاسةِ الظاهرةِ، ونهايةُ (¬1) ارتسامهِ في الحواسِ الباطنةِ (¬2)، وهيَ خمسٌ.
زعم الحكماءُ أنّ الدماغَ ثلاثُ طبقاتٍ:
الأولى: قسمانِ: مقدمهما الذي في الناصيةِ الحسُ المشتركُ، والثاني: خزانةُ الخيالِ.
الطبقةُ الثانيةُ: المفكرةُ.
الثالثةُ: قسمانِ: أولهُما: الواهمةُ، ثانيهما: الحافظة، وهي (¬3) القسمُ الأخيرُ المقابلُ للحسِ المشتركِ؛ فالحسُ المشتركُ: قوةٌ تُدرِكُ صورَ المحسوساتِ بأسرِها تتأدَى إليها منْ طرقِ الحواسِ الظاهرةِ، فتشتركُ فيها الحواسُّ الظاهرةُ والباطنةُ (¬4)، والخيالُ: قوةٌ تحفظُ تلكَ الصورَ المؤداةَ /194ب/ إليها، من الحسِ المشتركِ بعد غيبتها عنهُ (¬5)، والواهمةُ: قوةٌ تُدرِكُ المعانيَ الجزئيةَ الموجودةَ في الأمورِ المحسوسةِ، منْ غيرِ أنْ تتأدَى إليها منْ طرقِ الحواسِ، وبها تُدرِكُ الحيواناتُ مضارَها ومنافعَها، كعداوةِ الذئبِ ونحوِها.
والحافظةُ: قوةٌ تحفظُ ما يُدرِكهُ الوهمُ (¬6). والمتصرفةُ: هي التي تُحلِّلُ
¬__________
(¬1) في (ف): ((ونهايته)).
(¬2) في (ف): ((الباطنية)).
(¬3) في (ب): ((وهم)).
(¬4) انظر: التعريفات للجرجاني: 86.
(¬5) انظر: التعريفات للجرجاني: 102.
(¬6) انظر: التعريفات للجرجاني: 81.
الصفحة 591