كتاب النكت الوفية بما في شرح الألفية (اسم الجزء: 1)

داموا قائلينَ لا إلهَ إلا الله غيرَ مناقضينَ لها، والمناقضةُ / 219ب / تجويزُهمُ الكذبَ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعذرٍ أو بغيرِ عذرٍ، فإنّ التكفيرَ فيهِ خطرٌ والسكوتُ لا خطرَ فيهِ، وأمّا القانونُ فهو أن تعلمَ أنَّ النظرياتِ قسمان:
قسمٌ يتعلّق بأصولِ العقائدِ، وقسمٌ يتعلّقُ بالفروعِ.
وأصولُ الإيمانِ ثلاثةٌ: الإيمانُ باللهِ، ورسولهِ، واليومِ الآخرِ، وما عداهُ فرعٌ.
ثم قالَ: ومهما كانَ التكذيبُ، وجبَ التكفيرُ، ولو كانَ في الفروعِ، فلو قالَ قائلٌ مثلاً: البيتُ الذي بمكةَ ليسَ هو الكعبةُ التي أمرَ اللهُ بحجِّها، فهذا كفرٌ، إذْ ثبتَ تواتراً عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خلافُهُ.
وقالَ شيخُنا في " شرحِ نخبتهِ ": ((فالمعتمَدُ: أنَّ الذي ترّدُ روايتُهُ، مَنْ أنكرَ أمراً متواتراً منَ الشرعِ، معلوماً منَ الدينِ بالضرورةِ (¬1)، وكذا من اعتقدَ عكسَهُ، فأمّا مَنْ لم يكنْ بهذه الصفةِ، وانضمَّ إلى ذلكَ ضبطهُ لما يرويهِ مع ورعهِ وتقواهُ، فلا مانعَ منْ قبولهِ)) (¬2)، ثم قالَ: ((نَعَمْ، الأكثرُ على قبولِ غيرِ الداعيةِ إلا أنْ يرويَ ما يقوي بدعتَهُ فيرد على المذهبِ المختار)) (¬3).
وكلامهُ (¬4) أيضاً يقتضي: أنَّ الداعيةَ إذا رَوَى ما لا تعلّقَ لهُ ببدعتهِ قُبِلَ لكنِ الأكثر لا يقبلونَ الداعيةَ مطلقاً؛ لأنَّهُ قدْ يستهينُ تسويةَ كلمةٍ لترويجِ بدعتهِ يرى أنَّ ذلك معناها (¬5) / 220أ /، وحبكَ للشيءِ يعمي ويصمُ (¬6)، وقد تكونُ تلك الكلمةُ
¬__________
(¬1) انظر: مرقاة المفاتيح 1/ 147 وما بعدها.
(¬2) نزهة النظر: 138 (طبعة الحلبي).
(¬3) نزهة النظر: 138.
(¬4) جاء في حاشية (أ): ((أي ابن حجر)).
(¬5) جاء في حاشية (أ): ((بلغ صاحبه الشيخ شهاب الدين الحمصي الشافعي نفع الله به في البحث وسمع الجماعة، وكتبه مؤلفه إبراهيم البقاعي الشافعي)).
(¬6) إشارة إلى حديث أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حبك للشيءِ يعمي ويصم)).
أخرجه: أحمد 5/ 194 و6/ 450، وعبد بن حميد (205)، وأبو داود (5130).

الصفحة 652