كتاب التعليق الممجد على موطأ محمد (اسم الجزء: 1)

لا يَقْنُتُ (¬1) فِي الصُّبْحِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
¬__________
أبي بكر وابن عباس، وأبو هريرة والبراء وأنس وسهل بن سعد وغيرهم (في الأصل: "غيره"، والصواب: "غيرهم") .
ولاختلاف الصحابة في ذلك وقع الاختلاف بين التابعين والأئمة المجتهدين، فمن ذهب إلى القنوت في الفجر سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وأبان بن عثمان وقتادة وطاووس وعبيد بن عمير وعَبيدة السَّلماني وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه والثوري في رواية وغيرهم كذا ذكره الحازمي، وذهب نفر من الأئمة منهم إبراهيم والثوري في رواية وأبو حنيفة (إن الحنفية والحنابلة متفقون في دوام قنوت الوتر دون الفجر وقنوت اللعن عندهم مخصوص بالنوازل يكون في رمضان أو في غيره. انظر أوجز المسالك 2/308) وأصحابه إلى أن لا قنوت في شيء من الصلوات إلاَّ في الوتر وإلاّ (في الأصل: "إلاَّ"، والصواب: "وإلاَّ") في نازلة، فإنه حينئذٍ يُشرع القنوت في الفجر. وأما الأخبار المرفوعة في ذلك فمختلفة اختلافاً فاحشاً، فورد أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يقنت في الصلوات كلها، وورد أنه كان يقنت في الفجر والمغرب، وورد أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، وورد أنه لم يقنت إلاَّ شهراً يدعو على قوم من الكفار، ثم تركه، وورد الاختلاف أيضاً في القنوت قبل الركوع أو بعده، وورد في بعض الروايات أنه كان لا يقنت إلاَّ أن يدعو لقوم أو على قوم. ولا نزاع بين الأئمة في مشروعية القنوت، ولا في مشروعيتِه للنازلة، إنما النزاع في بقاء مشروعيته لغير النازلة، فأصحابنا يقولون: القنوت كان حين كان ثم ترك، وغيرنا يقولون لم يزل ذلك في الصبح، وإنما تُرك في باقي الصلوات، والكلام في المقام طويل من الجوانب إبراماً وجرحاً وإيراداً ودفعاً، مظانُّه الكتب المبسوطة كـ"الاستذكار"، و"شرح معاني الآثار"، و"تخريج أحاديث الهداية" وغير ذلك.
(¬1) بل روي عنه أنه بدعة.

الصفحة 636