كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

لي ابن جُريج: اكتب لي أحاديث من أحاديثك جياداً. فكتبتُ له ألف حديث، ودفعتها إليه، ما قراها عليَّ، ولا قرأتُها عليه. ومات أبو بكر سنة اثنتين وستين ومئة، وهو ابن ستين سنةً.
ومن بني عامر بن لؤي عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحرث بن حبيب بن جِزيمة بن حسل بن عامر بن لؤي، يُكنى أبا يحيى. قال ابن الكلبي في نسبه: حبيب بن جَزيمة بالتخفيف. وقال محمد بن حبيب: وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتدَّ مشركاً، وصار إلى قريش بمكة، فقال لهم: إني كنت أَصرف محمداً حيث أريد، كان يُملي عليَّ: عزيز حكيم، فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: " نعم، كلٌّ صواب ".
وأمر النبيُّ عليه السلام بقتله يوم الفتح ففرَّ إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة، فَغَيَّبه عنده، واستأمن له عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما اطمأنَّ أهل مكة، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال: " نعم ". فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما صمتُّ إلا ليقوم إليه أحدٌ فيضرب عنقه ". فقال رجل من الأنصار: فهلاَّ أومأت إليَّ يا رسول الله؟ فقال: " إن النبيَّ لا ينبغي أن تكون له خائنةُ الأعين ".
وحسُن إسلامُه بعد ذلك، ولم يُر منه شيء يُنكر عليه. وهو أحد النُّجباء العقلاء الكرماء من قريش. ثم ولاَّه عثمان بعد ذلك مصر سنة خمس وعشرين. وافتتح إفريقيَّة سنة سبع وعشرين. وكان فارس بني عامر بن لؤي. ولم يبايع لعليٍّ ولا لمعاوية. وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على معاوية، فارّاً من الفتنة بعسقلان سنة ستٍ وثلاثين، دعا ربَّه فقال: اللهمَ اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح. فقبض الله روحه حين سلَّم من صلاة الصبح. ذكر ذلك يزيد بن أبي حبيب وغيره.
وولدُهّ عِياض بن عبد الله خرَّج عنه مالك ومسلم وغيرهما. وكان من جلّة التابعين. ونصُّ ما عنه في الموطأ: مالك عن يزيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله ابن أبي سرح العامريِّ أنه سمع أبا سعيد الخُدريَّ يقول: كنا نُخرجُ زكاة

الصفحة 120