كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

ومنهم أبو الطُّفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عُمير بن حُميس بن جُديِّ بن سعد بن ليث، ولد عام أحدٍ، وأدرك من حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثماني سنين. نزل الكوفة، وصحب علياً رضي الله عنه في مشاهد كلَّها، فلما قُتل علي انصرف إلى مكة، فاقام بها حتى سنة مئة، وهو آخر من مات ممَّن رأى النبيَّ عليه السلام.
روى حماد بن زيد عن سعيدٍ الجُريريِّ، عن أبى الطُّفيل قال: ما على وجه الأرض اليوم رجل رأى النبيَّ عليه السلام غيري. وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي عن عليِّ بن المدينيِّ عن سُليم بن أخضر، عن الجُريريِّ سمعه يقول: كنت أطوف بالبيت مع أبى الطُّفيل، فيحدِّثني وأحدِّثُه. فقال لي: ما بَقي على وجهِ الأرض عين تطرف رأى النبيَّ عليه السلام غيري. قال علي: ومات بمكة. وكان أبو الطُّفيل شاعراً مُحسناً. وهو القائلُ:
أيدعونني شيخاً وقد عشتُ حِقْبةً ... وهنَّ من الأَزواج نحوي نوازعُ
وما شاب رأسي من سنين تتابعت ... عليَّ، ولكن شَيَّبتْني الوقائع
وهذا من جيد الشعر. وذكره ابن أبي خيثمة في شعراء الصحابة. وكان فاضلاً، عاقلاً، حاضر الجواب. وكان يتشيَّع في علي رضي الله عنه، ويُفضله ويثني على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويترحَّم على عثمان رضي الله عنه. ودخل أبو الطُّفيل يوماً على معاوية. فقال له: كيف وجدُك علي خليلك أبى الحسن؟ قال: كوجْدِ أمِّ موسى على موسى، وأشكو إلى الله التَّقصير.
وقال معاويةُ يوماً: كنت فيمن حضر قتل عثمان؟ قال: لا، ولكني كنت فيمن حضره. قال فما منعك من تصرهِ؟ قال: وأنت ما منعك من نصره إذ

الصفحة 147