كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

فخذ منها حاجتك ... عليه السلامُ: " لا حاجة لنا في إبلك ".
فقال: يا محمد، اكتب لي كتاباً يكون علامةً بيني وبينك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن فُهيرة: " اكتب ". قال: فكتب له عامر كتاباً في قطعة أدمٍ أو في عَظم أو في رقعةٍ. فأخذ الكتاب ورجع إلى قريش، ولم يذكر شيئاً ممَّا كان. ذكر البخاريُّ أن كاتب الكتاب لسراقة عامر بن فُهيرة. وقال ابن إسحاق: كتبه أبو بكر الصديقُ رضي الله عنه. قال سراقة: حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفَرغ من حُنين والطائف خرجتُ ومعي الكتاب لألقاه. فلقيته بالجِعرانةِ قال: فدخلتُ في كتيبة الأنصار. قال فجعلوا يقرعُونني بالرماح، ويقولون: إليكَ إليك، ماذا تريد؟ قال: فدنوتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على ناقته، والله لكأني أنظرُ إلى ساقه في غرزه كأنها جُمارة. قال فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت: يا رسول الله، هذا كتابك، أنا سُراقة بن جُعشم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يومُ وفاءٍ وبرِ، أدْنُهْ ". فدنوت منه، وأسلمتُ. ثم تذكرتُ شيئاً أسألُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره، إلا أني قلت: يا رسول الله الضالَّة من الإبل تغشى حياضي، وقد ملأتُها لإبلي، هل من أجرٍ في أن أسقيها؟ قال: " نعم، في كلِّ ذات كبدٍ حرَّي أجر ". قال: ثم رجعتُ إلى قومي، فسُقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقني.
وفي صحيح مسلم عن البَراءِ بن عازب وأبيه حديثُ الهجرة " مع " أبي بكر الصديق، قصةُ سُراقةَ حين اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول أبو بكر: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس، واتَّبعنا سراقة بن مالك. قال: ونحن في جَدَدٍ من الأرض. فقلت: يا رسول الله أُتينا. فقال: " لا تحزن إن الله معنا ". فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارْتَطمت فرسه إلى بطنها ... فقال: إني قد علمتُ أنكما قد دَعوتما عليَّ، فادعوا لي، فاللهُ لكما أن أردَّ عنكما الطَّلب.

الصفحة 166