كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

الملك. ولجدِّه أبي سودٍ بن وكيع صحبةٌ ورواية. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في اليمين الفاجرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اليمينُ التي يقطع الرجلُ بها مالَ أخيه تُعقم الرحم ". رواه عبد الرزاق عن معمرٍ عن رجلٍ من بني تميم، عن أبي سودٍ. وكان وكيعٌ من سادات تميم وأبطالها، وكانت فيه أعرابيةٌ وغفلةٌ يُخدع بها.
خاصم إلى إياس رجلٌ رجلاً في دين، وهو قاضي بالبصرة، وطلب منه البيِّنة، فلم يأته بمَقنع. فقيل للمُطالب: استجر وكيع بن أبي سُود حتى يشهدَ لكَ، فإن إياساً لا يجتريءُ على ردِّ شهادتك. فقال وكيعٌ: واللهِ لأَشْهدنَّ لك، فإن ردَّ شهادتي لأعمِّمنَّه السيف. فلما طَلع وكيعٌ فهم إياس فأقعده إلى جانبهِ، ثم سأله عن حاجته، فقال: جئتُ شاهداً. فقال له: يا أبا المطرف، أتشهدُ كما تفعل الموالي والعجمُ وأنت تجلُّ عن هذا؟ فقال: إذاً والله لا أشهدُ. فقيل لوكيع بعدُ: إنما خَدعك. فقال: أولى لابن اللَّخناء.
ومنهم حارثةُ بن بدرٍ الغُدافيُّ: وكان رجل بني تميم في وقته، فارساً شاعراً، وكان غَلب على زيادٍ، وكان الشراب قد غلب عليه. فقيل لزياد: إن هذا قد غَلب عليك، وهو مستهترٌ بالشراب. فقال زياد: كيف باطِّراح رجل هو يُسايرني منذ دخلتُ العراق، ولم يصكُك ركابي ركاباهُ، ولا تَقدَّمني. فنظرتُ إلى قفاه، ولا تأخَّر عنَّي. فَلَويتُ عنقي إليه، ولا أخذَ عليَّ الشمس في شتاء قطُّ، ولا الرَّوح في صيفٍ قطُّ، ولا سألته عن علمٍ إلا ظننتُه لم يُحسن غيره.
فلما مات زياد جفاهُ عُبيد الله، فقال له حارثةُ: أيها الأميرُ، ما هذا الجفاءُ مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة؟ فقال له عبيد الله: إنَّ أبا المغيرة قد كان برعَ برُوعا لا يَلحقهُ معه عيبٌ وأنا حَدَث، وإنما أنسب إلى من يَغلبُ عليَّ، وأنت رجل تُديم الشراب فمتى قرَّبتُك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يُظنَّ بي، فدعِ الشراب، وكُن أول داخل عليَّ، وآخر خارج عني. فقال له حارثةُ: أنا لا أدعهُ لمن يملك ضَرِّي ونفعي، أفأدعُه للحال عندك؟ قال: فاختر من

الصفحة 175