كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

وربَّ أمورٍ لا تَضيرُك ضيرةً ... وللقلبِ من مَخْشاتهنَّ وجيبُ
ولا خيرَ فيمَن لا يوطِّنُ نفسهُ ... على نائباتِ الدهر حين تَنوبُ
ومن بني ربيعة بن حنظلة بن مالك، وهو أخو البَراجِمِ عُروة بن أُديَّة، ومِرداس بن أُديَّة: وأُديَّة جدة لهما من محارب نُسِبا. إليها. ويقال: بل كانت ظئراً لهما. وهما ابنا حُدَير أحدُ بني ربيعة بن حنظلة. وسيفُ عروةَ أول سيف سُلَّ من سيوف الخوارج، وذلك أنه أقبل على الأشعث، فقال: ما هذه الدَّنية يا أشعث؟ وما هذا التحكيم؟ أشرطٌ أوثقُ من شرطِ الله؟ ثم شهر عليه السيف والأشعث موَلٍّ، فضرب به عجزُ البغلة. فشبَّت البغلةُ، فنفرت اليمانيةُ، وكانوا جلَّ أصحاب علي رحمه الله. فلما رأى ذلك الأحنفُ قصد هو وجارية بن قُدامة ومسعود بن فَدَكيِّ بن أعبُد وشبت بن ربعيٍّ الرياحيِّ إلى الأشعث. فسألوه الصفح ففعل.
وكان عروة بن أُديَّة نجا من حرب النّهروان، فلم يزل باقياً مدةً من خلافة معاوية، ثم أي به زيادٌ ومعه مولىً له، فسأله عن أبي بكر وعمر فقال: خيراً. ثم سأله فقال: ما تقول في أمير المؤمنين عثمان رحمهُ اللهُ وأبي التراب؟ فتولى عثمان ستَ سنين من خلافتهِ، ثم شهد عليه بالكفر. وفَعل في أمر عليٍّ عليه السلامُ مثل ذلك، إلى أن حكَّم، ثم شهد عليه بالكفر. ثم سأله عن معاويةَ فسبَّهُ سبّاً قبيحاً، ثم سأله عن نفسهِ، فقال: أوَّلُك لزنيةٍ وآخرُك لِدعوة، وأنت بعدُ عاص لربك. فأمر به فضُربت عنقُه. ثم دعا مَولاهُ فقال: صفْ لي أموره، فقال: أُطْنِبُ أم أَختصر؟ قال: بل اختصر. قال: ما أتيتُهُ بطعامٍ بنهارٍ قطُّ، ولا فرشتُ له فراشاً بليلٍ قطُّ.
قال المؤلف، وفقه الله: وهذا الشقيُّ البائس، وإن كان صائمَ النهار قائم اليل فقد أَحبط اللهُ عملهُ بتكفير الخليفتين الراشدَين المهْدِيَّين، رضي الله عنهما، وخروجه عن الجماعة، وسلِّه السيف " في الطر " يق الخاسرِ. وهو حقاً ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيأتي قومٌ يقرؤون القرآن، لا يُجاوزُ تَراقيَهُم،

الصفحة 182