كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (اسم الجزء: 1)

زُرعة الكلابيَّ في ألفين، فهزموهُ فلما وردَ علي ابن زيادٍ غضب عليه غضباً شديداً، وقال: ويلك، أتمضي في ألفين فتهزم لحملةٍ من أربعين؟ وكان أسلم يقول: لأنْ يذُمَّني ابن زياد حياً، أحبُّ إليَّ من أن يمدحني ميِّتاً. وكان إذا خرج إلى السوق أو مرَّ بصبيانٍ صاحوا به: أبو بلال وراءك. حتى شكا ذلك إلى ابن زيادٍ لهم الناس، فاختار عباد بن أخضر، ولس بابن أخضر هو عبادة بن علقمة المازنيُّ التميميُّ. وكان أخضر زوج أمَّه، فغلب عليه، فوجَّهه في أربعة آلاف فنهد لهم فقاتلهم عباد يوم الجمعة حتى حان وقت صلاة الجمعة، فنادهم أبو بلال: ياقوم، هذا وقت الصلاة فوادعونا حتى نصلي وتصلوا. قال: ذلك لك. فرمى القوم أجمعون بأسلحتهم، وعمدوا للصلاة. وأسرع عباد، ومن معه، والحرورية مبطئون، فهم بين الراكع ساجد وقائم في للصلاة وقاعد حتى مال عليهم عباد ومن معه. فقتلوهم جميعاً، وأتى برأس أبي بلال، فلما فرغ من أولئك الجماعة أقبل بهم فصلبت رؤوسهم وفيهم داود بن شبث وكان ناسكاً. وفي قتل أبي بلال يقول عمران بن حطَّان السَّدوسي، وكان من قعد الخوارج شاعرا ًمجيداً:
لقد زادَ الحياةَ إلىَّ بُغْضهاً ... وحباً للخروجِ أبو بلال
أُحاذِرُ أن أموتَ على فراشي ... وأرجو الموت تحت ذُرا العوالي
فمن يك همُّه الدنيا فإني ... لها واللهِ ربِّ البَيتِ قال
وفيه يقولُ من أبياتٍ:
أنكرتُ بعدكَ ما قد كنتُ أَعرفُه ... ما الناسُ بعدكَ يا مرداسُ بالناسَ

الصفحة 184