كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)
وَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ (¬1)، وَهِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، ويَدَعُون أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ (¬2) " (¬3)، يَعْنِي لَا يَتَفَقَّهُونَ (¬4) فِيهِ، بَلْ يَأْخُذُونَهُ عَلَى الظَّاهِرِ (¬5)، كَمَا بيَّنه حديث ابن عمر (¬6) رضي الله عنهما الْآتِي بِحَوْلِ اللَّهِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي آخِرِ عهد الصحابة رضي الله عنهم.
ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الْفِرَقُ تَكْثُرُ حَسْبَمَا (¬7) وَعَدَ بِهِ الصَّادِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ: "افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى (¬8) وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، (وَالنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وسبعين فرقة (¬9) " (¬10).
¬_________
= وانظر في موضوع القدر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (3/ 22 وما بعدها، 4/ 192)، مقالات الإسلاميين للأشعري (1/ 298)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (1/ 79).
(¬1) هم الذين خرجوا على عليّ ـ رضي الله عنه ـ يوم صفين لإنكارهم التحكيم، فقاتلهم في النهروان وهزمهم، وتشعبت فرقهم، وبلغت العشرين وأشهرها: المحكمة الأولى والنجدات والأزارقة والصفرية والإباضية، ولهم أفكار ضالّة يكادون يجتمعون عليها وهي: تكفير مرتكب الكبيرة، والقول بخلوده في النار، وجواز الخروج على الأئمة الجائرين، وجواز الإمامة في غير قريش، وإنكار التحكيم، ومن أسمائهم الحرورية والشراة والنواصب.
انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي (ص49)، الملل والنحل للشهرستاني (ص114)، مقالات الإسلاميين للأشعري (1/ 86)، الفصل لابن حزم (4/ 188).
(¬2) التراقي: جمع ترقوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق، وهما ترقوتان من الجانبين. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (1/ 187).
(¬3) أخرجه البخاري عن أبي سعيد في كتاب التوحيد (13/ 416 مع الفتح)، ومسلم في كتاب الزكاة (7/ 162، شرح النووي)، وأبو داود في كتاب السنة باب في قتال الخوارج (4/ 243)، والنسائي في كتاب الزكاة (5/ 87)، والإمام أحمد في المسند (3/ 15).
(¬4) في (ت): "يتفقون".
(¬5) في (ت): "الظر".
(¬6) رواه الإمام البخاري في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه، باب قتل الخوارج والملحدين (12/ 283).
(¬7) في (غ): "كما".
(¬8) في (ت): "ثلاث".
(¬9) زاد في (خ) و (ر): "والنصارى مثل ذلك"، وذلك بعد ذكر الحديث وهو خطأ من الناسخ.
(¬10) أخرجه أبو داود في كتاب السنة من سننه، باب شرح السنة عن أبي هريرة برقم =