كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)
الصَّالِحِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ، كَمَا روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ (¬1) مَا عَرَفَ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا الصَّلَاةَ" (¬2). قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ (¬3): فَكَيْفَ لَوْ كَانَ الْيَوْمَ؟ قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ (¬4): فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكَ الْأَوْزَاعِيُّ هَذَا الزَّمَانَ؟
وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ (¬5) قَالَتْ: "دَخَلَ أبو الدرداء وَهُوَ غَضْبَانُ، فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ فِيهِمْ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ (ص) (¬6)، إلاَّ أنهم يصلّون جميعاً" (¬7).
¬_________
(¬1) في (ر) و (غ): "إليكم".
(¬2) رواه عن أبي الدرداء ابن وضاح في البدع والنهي عنها، باب في نقض عرى الإسلام ودفن الدين (ص68)، وروى الإمام ابن بطة في الإبانة عن أبي الدرداء أنه قال: "لو أن رجلاً كان يعلم الإسلام وأهمّه، ثم تفقّده اليوم ما عرف منه شيئاً" (1/ 184). وقول الأوزاعي وعيسى بن يونس (الآتي) مذكور في نفس الموضع عند ابن وضاح.
(¬3) هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي الفقيه، شيخ الإسلام وعالم أهل الشام، نزل بيروت في آخر عمره فمات بها مرابطاً سنة 158هـ، وقيل غير ذلك.
انظر في ترجمته: تهذيب التهذيب (6/ 238)، سير أعلام النبلاء (7/ 107)، طبقات ابن سعد (7/ 488)، البداية والنهاية (10/ 115).
(¬4) هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله، الإمام القدوة، الحافظ، الحجة، أبو عمرو، وأبو محمد الهمداني، السبيعي الكوفي، وثّقه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وطائفة، وكان سنة في الغزو وسنّة في الحج، وكان من أصحاب الأعمش. مات سنة 187هـ.
انظر: التاريخ الكبير (6/ 406)، سير أعلام النبلاء (8/ 489)، تذكرة الحفاظ (1/ 279)، تهذيب التهذيب (8/ 237).
(¬5) هي زوج أبي الدرداء، اسمها هجيمة، وقيل: جهيمة الأوصابية الدمشقية، وهي الصغرى، وأما الكبرى فاسمها خيرة، ولا رواية لها في هذه الكتب، والصغرى ثقة فقيهة، عابدة، كبيرة القدر، كان الرجال يقرأون عليها ويتفقهون في الحائط الشمالي بجامع دمشق، وكان عبد الملك بن مروان يجلس في حلقتها وهو خليفة. ماتت سنة 81هـ.
انظر: الكاشف للذهبي (3/ 440)، تقريب التهذيب لابن حجر (2/ 621)، البداية والنهاية لابن كثير (9/ 50).
(¬6) في (غ): "فيهم من أمر محمد شيئاً".
(¬7) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة برقم (650)، والإمام أحمد في الزهد (5/ 195)، ورواه ابن وضاح في البدع النهي عنها، باب في نقض عرى الإسلام (ص74)، ورواه الإمام أحمد في الزهد عند ترجمة أبي الدرداء (ص172)، ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى (2/ 574)، وذكره أبو بكر الطرطوشي في الحوادث والبدع، (ص111).