كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

ويدل عليه (¬1) أَيْضًا حَدِيثُ الْفِرَقِ إِذْ قَالَ فِيهِ: "وَإِنَّهُ سيخرج في أمتي أقوام تَتَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ (¬2) كَمَا يَتَجَارَى الكَلَب (¬3) بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ" (¬4)، وَهَذَا النَّفْيُ يَقْتَضِي الْعُمُومَ بِإِطْلَاقٍ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ الْعَادِيِّ، إِذْ لا يبعد أن يتوب بعضهم (¬5) عَمَّا رَأَى، وَيَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ، كَمَا نُقِلَ عن عبيد اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ (¬6)، وَمَا نَقَلُوهُ فِي مناظرة ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الحرورية الخارجين على علي رضي الله عنه (¬7)، وفي مناظرة عمر بن عبد العزيز
¬_________
(¬1) في (خ) و (ط) و (ر): "على ذلك".
(¬2) في (م): "الأهوى".
(¬3) الكَلَب، بالتحريك، هو داء يعرض للإنسان من عض الكَلْبِ الكَلِبِ، فيصيبه شبه الجنون، وتعرض له أعراض رديئة، ولا يشرب الماء حتى يموت عطشاً.
انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 195).
وقد تكلم المؤلف عن وجه تشبيه الأهواء بالكلب في الباب التاسع، المسألة الثانية والعشرون (2/ 277).
(¬4) رواه الإمام أبو داود في كتاب السنة من سننه، باب شرح السنة عن معاوية رضي الله عنه أنه قام فقال: ألا إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام فينا فقال: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة وهي الجماعة). زاد يحيى وعمرو في حديثيهما (وإنه سيخرج من أمتي أقوام ... الحديث) (4/ 197) (4597)، ورواه الإمام الدارمي في كتاب السير من سننه، باب في افتراق هذه الأمة (دون ذكر الزيادة)، (2/ 314) برقم (2518)، والإمام أحمد في المسند (4/ 102)، والإمام الآجري في الشريعة، باب ذكر افتراق الأمم في دينهم (ص18) (دون ذكر الزيادة)، والإمام ابن أبي عاصم في السنة، باب ذكر الأهواء المذمومة (1،2) (ص7)، والإمام المروزي في السنة (ص19 ـ 20)، والإمام اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/ 101، 102)، والإمام الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي (1/ 128)، وحسنه ابن حجر كما في تخريج أحاديث الكشاف (ص63)، وصححه الألباني كما في ظلال الجنة (ص 7 ـ 8). وقد ذكر المؤلف الحديث في الباب التاسع وأفرده بمسائل (2/ 267).
(¬5) مثبتة في (غ)، وساقطة من بقية النسخ.
(¬6) سوف يذكر المؤلف خبره، وما وقع فيه من الخطأ، ثم توبته من ذلك في الباب الثالث (ص278 ـ 281).
(¬7) هذه المناظرة ذكرها المؤلف في الباب التاسع (2/ 187 ـ 189)، وقد ذكرها الإمام=

الصفحة 217