كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ (¬1) كَانَ مِنْ ثقات (¬2) أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَمِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ، إِلَّا أَنَّ النَّاسَ رَمَوْهُ بِالْبِدْعَةِ بِسَبَبِ قَوْلٍ حُكِيَ عَنْهُ، مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ مُصِيبٌ، حَتَّى كَفَّرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ (¬3) وَغَيْرُهُ. وَحَكَى الْقُتَيْبِيُّ (¬4) عَنْهُ (¬5) كَانَ يَقُولُ: "إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِلَافِ، فَالْقَوْلُ بِالْقَدَرِ صَحِيحٌ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَالْقَوْلُ بِالْإِجْبَارِ صَحِيحٌ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَهُوَ مُصِيبٌ (¬6)، لِأَنَّ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ رُبَّمَا دَلَّتْ عَلَى وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (¬7) " (¬8).
وَسُئِلَ يَوْمًا عَنْ أَهْلِ الْقَدَرِ وَأَهْلِ الْإِجْبَارِ، فقال (¬9): "كُلٌّ مُصِيبٌ، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عَظَّمُوا اللَّهَ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ نَزَّهُوا اللَّهَ". قَالَ: "وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَسْمَاءِ، فَكَلُّ مَنْ سَمَّى الزَّانِيَ مُؤْمِنًا فَقَدْ أصاب، ومن سماه كافراً فقد
¬_________
(¬1) هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري البصري، قاضي البصرة ثقة فقيه، روى عن الجريري وطبقته، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي وطائفة ولكن عابوا عليه مسألة تكافؤ الأدلة. مات سنة 168هـ.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/ 376 ـ 377)، طبقات ابن سعد (7/ 285)، تقريب التهذيب لابن حجر (1/ 531)، الكاشف للذهبي (2/ 197)، تهذيب التهذيب (7/ 7).
(¬2) في (خ) و (ت) و (ط): "ثقة".
(¬3) لم يتبين لي المراد به، هل هو ابن العربي أو الباقلاني أو غيرهما؟
(¬4) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، ويقال القتيبي والقتبي، الكاتب الكبير، صاحب التصانيف، نزل بغداد وصنف وجمع وبعد صيته، قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ديناً فاضلاً، من تصانيفه غريب القرآن، وغريب الحديث والمعارف، وكتاب مشكل القرآن، وكان رأساً في علم اللسان العربي. توفي سنة 276هـ.
انظر: السير (13/ 296)، تاريخ بغداد للخطيب (10/ 170)، شذرات الذهب (2/ 169).
(¬5) ساقطة من جميع النسخ عدا (ر).
(¬6) في تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة "ومن قال بهذا فهو مصيب، ومن قال بهذا فهو مصيب".
(¬7) ساقطة من (ت).
(¬8) تتمة الجملة عند ابن قتيبة "واحتملت معنيين متضادين".
(¬9) ساقطة من (م) وأصل (خ)، وفي هامش (خ): "قال". والمثبت هو ما في (ت) وهو كذلك عند ابن قتيبة.

الصفحة 255