كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فيه (¬1) من رؤوس العلماء، ورؤوس الْمُبْتَدِعَةِ (¬2)، وَمِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَثِيرٌ، فَوَعَيْتُ الْعِلْمَ، وَنَاظَرْتُ (¬3) كُلَّ طَائِفَةٍ بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا أَبِي بَكْرٍ الْفِهْرِيِّ (¬4) وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
ثُمَّ نزلت إلى الساحل لأغراض (¬5)، وكان مملؤاً مِنْ هَذِهِ النِّحَلِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ، فَطُفْتُ فِي مُدُنِ السَّاحِلِ لِتِلْكَ الْأَغْرَاضِ (¬6) نَحْوًا مِنْ (¬7) خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَنَزَلْتُ عَكَّا (¬8)، وَكَانَ رَأْسَ الْإِمَامِيَّةِ بِهَا حِينَئِذٍ (¬9) أَبُو الْفَتْحِ الْعَكِّيُّ، وَبِهَا مِنْ أَهْلِ السنة شيخ يقال له: الفقيه الدبيقي (¬10)، فَاجْتَمَعْتُ بِأَبِي الْفَتْحِ فِي مَجْلِسِهِ وَأَنَا ابْنُ الْعِشْرِينَ، فَلَمَّا رَآنِي صَغِيرَ السِّنِّ، كَثِيرَ الْعِلْمِ، مُتَدَرِّبًا (¬11)، وَلِعَ بِي، وَفِيهِمْ ـ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى بَاطِلٍ ـ انْطِبَاعٌ وَإِنْصَافٌ وَإِقْرَارٌ بِالْفَضْلِ إذا ظهر (¬12)، فكان لا يفارقني، ويساومني (¬13)
¬_________
(¬1) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "فيها".
(¬2) نص كتاب العواصم: "وكان فيه من رؤوس العلماء، ورؤوس المبتدعة، على اختلاف طبقاتهم كثير، ومن أحبار اليهود والنصارى والسمرة جمل لا تحصى، فأوفيت على المقصد من طريقه، ووعيت العلم بتحقيقه، ونظرت إلى كل طائفة تناظر، وناظرتها بحضرة شيخنا أبي بكر الفهري .. ". العواصم (ص61).
(¬3) في (ت): "وناظرة"، وكتب بإزائها في الهامش "عله وناظرت".
(¬4) هو الإمام العلامة، شيخ المالكية، أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف الفهري الأندلسي الطرطوشي الفقيه، عالم الإسكندرية، لازم القاضي أبا الوليد الباجي، وأخذ عنه مسائل الخلاف، نزل بغداد وبيت المقدس، ثم تحول إلى الثغر، ألف كتاب سراج الملوك للمأمون بن البطائحي، وله كتاب الحوادث والبدع. توفي سنة 520هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 490)، شذرات الذهب (4/ 62)، العبر (4/ 48).
(¬5) نص كتاب العواصم: "لأغراض نصصتها في كتاب ترتيب الرحلة، وكان الساحل المذكور مملوءاً من هذه النحل الملحدية، والمذاهب الباطنية، والإمامية .. ". العواصم (ص61).
(¬6) في كتاب "العواصم": "الأغراض الدينية".
(¬7) في (ط): "مى".
(¬8) في (ط): "بعكا"، وفي (ت): "عكى"، وفي معجم البلدان لياقوت الحموي "عكة" بالهاء، وهي بلد على ساحل بحر الشام من عمل الأردن. معجم البلدان لياقوت (4/ 143).
(¬9) كتب مكان هذه الكلمة في (ت): "ح".
(¬10) في (خ) و (ت) و (ط): "الديبقي".
(¬11) في (ر): "مستدرباً".
(¬12) في (ت): "ظهر به".
(¬13) نص كتاب العواصم: "ويسارعني في السؤال والجدال ولا يفاترني".

الصفحة 261