كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فَعَمَدْتُ ـ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ ـ إِلَى كِنَانَتِي، وَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا سَهْمًا أَصَابَ حَبَّةَ قَلْبِهِ فَسَقَطَ لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ.
وَشَرْحُ (¬1) ذَلِكَ (¬2): أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيَّ الْحَافِظَ الْجُرْجَانِيَّ (¬3) قَالَ: كُنْتُ (¬4) أُبَغِّضُ النَّاسَ فِيمَنْ يَقْرَأُ عِلْمَ الْكَلَامِ، فَدَخَلْتُ يوماً إلى الري (¬5)، فدخلت (¬6) جَامِعَهَا أَوَّلَ دُخُولِي، وَاسْتَقْبَلْتُ سَارِيَةً أَرْكَعُ عِنْدَهَا، وَإِذَا (¬7) بِجِوَارِي رَجُلَانِ يَتَذَاكَرَانِ عِلْمَ الْكَلَامِ، فَتَطَيَّرْتُ بِهِمَا (¬8)، وَقُلْتُ: أَوَّلَ مَا دَخَلْتُ هَذَا (¬9) الْبَلَدَ سَمِعْتُ فِيهِ مَا أَكْرَهُ، وَجَعَلْتُ أُخَفِّفُ الصَّلَاةَ حَتَّى أَبْعُدَ عَنْهُمَا، فَعَلِقَ بِي مِنْ قَوْلِهِمَا: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةَ أَسْخَفُ خَلْقِ اللَّهِ عُقُولًا، وينبغي للنحرير ألا يتكلف لهم دليلاً، ولكن (¬10)
¬_________
(¬1) من هنا يذكر ابن العربي قصة وقعت للحافظ أبي بكر الجرجاني، وكيف استفاد منها، ثم يعود للحديث عن قصته مع الإسماعيلي.
(¬2) ساقطة من (م) و (ت).
(¬3) هو أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس أبو بكر الإسماعيلي الجرجاني الحافظ الكبير، الرحال، سمع الكثير، وحدث، وخرج، وصنف فأفاد وأجاد، وأحسن الانتقاد والاعتقاد، صنف كتاباً على صحيح البخاري فيه فوائد كثيرة، وعلوم غزيرة. توفي سنة 371هـ.
انظر: البداية والنهاية لابن كثير (11/ 318)، سير أعلام النبلاء للذهبي (16/ 292).
(¬4) من هنا غير واضح في (غ) إلى قوله: يتذاكران.
(¬5) هي مدينة مشهورة، من أمهات البلاد، وأعلام المدن، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخاً.
انظر: معجم البلدان ليلقوت الحموي (3/ 116).
(¬6) في (خ) و (ط): "ودخلت".
(¬7) في (خ) و (ط): "وإذ".
(¬8) لقد ورد النهي عن الطِيَرة في أحاديث عديدة منها حديث أبي هريرة في البخاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (لا طيرة، وخيرها الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم). صحيح البخاري (10/ 212 مع الفتح)، وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (الطيرة شرك) ثلاثاً. قال ابن مسعود: وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل. سنن أبي داود، كتاب الطب (4/ 16) إلى غير ذلك من النصوص. ولعل الإمام الإسماعيلي كره ما سمع من الرجلين فعبر عن كراهيته بالتطير.
(¬9) في (خ) و (ط): "هذه".
(¬10) في (ت): "واليكن"، وفي (م) و (خ): "وليكن".

الصفحة 265