كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

يطالبهم "بلم" فَلَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا. وَسَلَّمْتُ مُسْرِعًا.
وَشَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ كَشَفَ رَجُلٌ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْقِنَاعَ فِي الْإِلْحَادِ، وَجَعَلَ يُكَاتِبُ وَشْمَكِيرَ (¬1) الْأَمِيرَ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ (¬2)، وَيَقُولُ لَهُ: إِنِّي لَا أَقْبَلُ دِينَ مُحَمَّدٍ إِلَّا بِالْمُعْجِزَةِ، فَإِنْ أَظْهَرْتُمُوهَا رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ (¬3)، وَانْجَرَّتِ الْحَالُ إِلَى أَنِ اخْتَارُوا مِنْهُمْ رَجُلًا لَهُ دَهَاءٌ وَمُنَّة (¬4)، فَوَرَدَ عَلَى وَشْمَكِيرَ رَسُولًا، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ أَمِيرٌ، وَمِنْ شَأْنِ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ أَنْ تَتَخَصَّصَ عَنِ الْعَوَامِّ، ولا تقلد أحداً (¬5) في عقيدتها (¬6)، وإنما حقهم أن يفحصوا (¬7) عَنِ الْبَرَاهِينِ. فَقَالَ وَشْمَكِيرُ: اخْتَرْ (¬8) رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِي، وَلَا أُنْتَدَبُ لِلْمُنَاظَرَةِ بِنَفْسِي، فَيُنَاظِرُكَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَقَالَ لَهُ الْمُلْحِدُ: أَخْتاَرُ (¬9) أَبَا بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيَّ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ (¬10) لَيْسَ مِنْ أَهْلِ عِلْمِ التَّوْحِيدِ (¬11)، وَإِنَّمَا كَانَ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ، ولكن كان وشمكير (¬12) ـ بعاميته (¬13) يَعْتَقِدُ (¬14) أَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْلِ الْأَرْضِ بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ.
¬_________
(¬1) في (ت): "وشميكر"، وهو وشمكير بن زيار ملك الري، واستولى على جرجان، وكانت وفاته سنة 357هـ.
انظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير (7/ 76، 112، 145، 167).
(¬2) في العواصم: "يدعوه إلى الإلحاد".
(¬3) كفى بالقرآن آية ومعجزة، وإن من حكمة الله أن أبقى هذه الآية ليبقى التحدي بها إلى آخر الدهر، وليس القرآن وحده آية نبينا صلّى الله عليه وسلّم، بل إن آياته ومعجزاته تفوق الحصر، حتى ألفت في ذلك المجلدات كما فعل البيهقي والماوردي وغيرهما، ثم إنه ليس الدليل على صدق نبينا المعجزة فحسب، بل إن خلقه العظيم وسيرته العطرة، وكمال شريعته، ونصرة الله له، أدلة قاطعة وبراهين ساطعة تشهد بصدقه صلّى الله عليه وسلّم.
(¬4) المنة: القوة. الصحاح (6/ 2207).
(¬5) ساقطة من (ت) و (غ).
(¬6) في (ط): "عقيدة".
(¬7) في (م) و (ط): "يفصحوا".
(¬8) في (خ) و (ط): "أختار".
(¬9) في (خ) و (ط): "اختر"، وفي العواصم: "اخترت".
(¬10) في (ر): "أنه".
(¬11) يريد علم الكلام، وقد سمى التوحيد، وليس بصحيح، فما أبعد علم الكلام عن التوحيد. وتقدم الكلام عليه في الباب الأول (ص48) هامش (5) ..
(¬12) في (ت): "وشميكر".
(¬13) في (ط): "لعامية"، وفي (م) و (خ) و (ط) و (ت): "بعامية فيه".
(¬14) ساقطة من (م) و (ت).

الصفحة 266