كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فَقَالَ وَشْمَكِيرُ: ذَلِكَ مُرَادِي، فَإِنَّهُ (¬1) رَجُلٌ جَيِّدٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِجُرْجَانَ (¬2)، لِيَرْحَلَ إليه إلى غزنة (¬3)، فلم يبق أحد من العلماء (¬4) إِلَّا يَئِسَ مِنَ الدِّينِ، وَقَالَ: سَيَبْهَتُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الكافر مذهباً الإسماعيلي الحافظ [نسباً] (¬5)، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا لِلْمَلِكِ: إِنَّهُ لَا علم عنده بذلك لئلا يتهمهم (¬6). فلجأوا (¬7) إِلَى اللَّهِ فِي نَصْرِ دِينِهِ.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْحَافِظُ (¬8): فَلَمَّا جَاءَنِي الْبَرِيدُ، وَأَخَذْتُ فِي الْمَسِيرِ، وتدانت بي (¬9) الدَّارُ قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ. وَكَيْفَ أُنَاظِرُ فِيمَا لَا أَدْرِي؟ هَلْ أَتَبَرَّأُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَأُرْشِدُهُ إلى من يحسن الجدل، ويعلم حجج (¬10) الله على دينه؟ (¬11) وندمت (¬12) على ما سلف من عمري ولم أَنْظُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ، ثُمَّ أَذْكَرَنِي اللَّهُ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ بِجَامِعِ الرَّيِّ، فَقَوِيَتْ نَفْسِي، وَعَوَّلْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَ ذَلِكَ عُمْدَتِي، وَبَلَغْتُ الْبَلَدَ، فَتَلَقَّانِي الْمَلِكُ ثُمَّ جَمِيعُ الْخَلْقِ، وَحَضَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمَذْهَبِ مَعَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ النَّسَبِ، وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْبَاطِنِيِّ (¬13): أُذْكُرْ قَوْلَكَ يَسْمَعُهُ الْإِمَامُ. فَلَمَّا أَخَذَ فِي ذِكْرِهِ وَاسْتَوْفَاهُ، قال له الحافظ: "لم"؟ فلما سَمِعَهَا الْمُلْحِدُ قَالَ: هَذَا إِمَامٌ قَدْ عَرَفَ مقالتي، فبهت (¬14).
¬_________
(¬1) ساقطة من (م) و (ت) و (غ).
(¬2) جرجان: مدينة عظيمة مشهورة بقرب طبرستان، بناها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة.
انظر: آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني (ص348).
(¬3) قوله: (إلى غزنة) ساقطة من (غ) و (ر)، وغزنة: مدينة عظيمة، وولاية واسعة في طرف خراسان، وهي الحد بين خراسان والهند.
انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 201).
(¬4) في (خ) و (ط): "فلم يبق من العلماء أحد".
(¬5) في الأصول (مذهباً)، والتصويب من العواصم.
(¬6) في العواصم: "لئلا يتهمهم بالحسد".
(¬7) في (م): "فلجوا".
(¬8) ساقطة من (م) و (ت) و (غ) و (ر).
(¬9) في (خ) و (ط): "لي".
(¬10) في (خ) و (ط): "بحجج".
(¬11) في العواصم: "ويعلم حجج الله في خلقه على صحة دينه".
(¬12) في (خ) و (ت) و (ط): "ندمت" بدون الواو.
(¬13) في (ط): "الباطني"، وفي العواصم: "وقال الملك للإسماعيلي الباطني".
(¬14) في (خ) و (ت) و (ط): "ففهمت"، وبعد هذه اللفظة ذكر ابن العربي بعض العبارات=

الصفحة 267