كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

إذ كان أحد دعاة الباطنية القرامطة (¬1) فَاسْتَجَابَ لَهُ جَمَاعَةٌ نُسِبُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَائِلًا إِلَى الزُّهْدِ فَصَادَفَهُ (¬2) أحد دعاة الباطنية (في طريق) (¬3) وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى قَرْيَتِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَقَرٌ (¬4) يسوقها (¬5)، فقال له حمدان ـ وهو لا يعرفه ولا يعرف حاله (¬6) ـ: أَرَاكَ سَافَرْتَ عَنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ، فَأَيْنَ مَقْصِدُكَ؟ فَذَكَرَ مَوْضِعًا هُوَ قَرْيَةُ حَمْدَانَ، فَقَالَ لَهُ حمدان: اركب بقرة من هذه (¬7) الْبَقَرِ لِتَسْتَرِيحَ بِهِ عَنْ تَعَبِ الْمَشْيِ، فَلَمَّا رَآهُ مَائِلًا إِلَى الدِّيَانَةِ أَتَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُومَرْ (¬8) بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ (¬9): وَكَأَنَّكَ لَا تَعْمَلُ إِلَّا بِأَمْرٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ (¬10) حَمْدَانُ: وَبِأَمْرِ مَنْ تَعْمَلُ؟ قَالَ: بِأَمْرِ مَالِكِي وَمَالِكِكَ وَمَنْ لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، قال: ذلك إذا (¬11) هو رب العالمين، قال: قد (¬12) صَدَقْتَ (¬13)، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهَبُ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ، قَالَ: وَمَا غَرَضُكَ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي أَنْتَ متوجه إليها؟ قال (¬14) أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ (¬15) أَهْلَهَا مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الشَّقَاوَةِ إِلَى السَّعَادَةِ، وَأَنْ أَسْتَنْقِذَهُمْ مِنْ (¬16) وَرَطَاتِ الذُّلِّ والفقر، وأملكهم بما يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنِ الْكَدِّ (¬17) وَالتَّعَبِ، فَقَالَ لَهُ حمدان: أنقذني أنقذك الله، وأفض على
¬_________
=نشر الإلحاد، وإبطال الشرائع، عن طريق الدعوة السرية، وأخذ المواثيق والعهود للإمام. انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي (ص213 وما بعدها)، تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص126)، دراسة عن الفرق لأحمد الجلي (ص288).
(¬1) زيادة في (غ).
(¬2) في (م) و (خ) و (ت): "فصاده".
(¬3) ساقط من (خ) و (ط).
(¬4) في (م): "معز".
(¬5) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "يسوقه".
(¬6) في (ط): "وهو لا يعرف حاله".
(¬7) في (م) و (خ) وت) و (ط): "هذا".
(¬8) في (خ) و (ط): "إني لم أومن بل أومر".
(¬9) ساقطة من (م) و (ت) و (غ).
(¬10) في (غ): "قال".
(¬11) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(¬12) ساقطة من (م) و (ت) و (ط) و (غ).
(¬13) في (م) و (ت): "قصدت".
(¬14) في (م) و (غ): "فقال".
(¬15) في (خ) و (ت): و (ط) و (غ): "أدعوا" بالألف بعد الواو.
(¬16) ساقطة من (م) و (ت).
(¬17) في (غ) و (ر): "الكل".

الصفحة 272