كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

من العلم ما تحييني (¬1) به، فما أشد احتياجي إلى مثل (¬2) مَا (ذَكَرْتَهُ (¬3)، فَقَالَ لَهُ (¬4): وَمَا أُمِرْتُ) (¬5) أَنْ أُخْرِجَ السِّرَّ الْمَكْنُونَ إِلَى كُلِّ (¬6) أَحَدٍ إِلَّا بَعْدَ الثِّقَةِ بِهِ، وَالْعَهْدِ (إِلَيْهِ، فَقَالَ) (¬7): فَمَا (¬8) عَهْدُكَ؟ فَاذْكُرْهُ فَإِنِّي مُلْتَزِمٌ لَهُ.
فَقَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِي وَلِلْإِمَامِ عَهْدَ اللَّهِ عَلَى (¬9) نَفْسِكَ (¬10) وَمِيثَاقَهُ (¬11) أَلَّا تُخْرِجَ سِرَّ الْإِمَامِ الَّذِي أُلْقِيهِ إِلَيْكَ، وَلَا تُفْشِي سِرِّي أَيْضًا، فَالْتَزَمَ حَمْدَانُ عَهْدَهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ (¬12) الدَّاعِي فِي تَعْلِيمِهِ فُنُونَ جَهْلِهِ، حَتَّى اسْتَدْرَجَهُ وَاسْتَغْوَاهُ، وَاسْتَجَابَ (¬13) لَهُ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ، ثُمَّ انْتُدِبَ لِلدَّعْوَةِ، وَصَارَ أَصْلًا (¬14) مِنْ أُصُولِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ، فَسُمِّيَ أَتْبَاعُهُ القرامطة (¬15).
ومثال الثاني ما حكاه الله تعالى (عن الكفار) (¬16) فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا .. } (¬17)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ *قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ *} (¬18).
وَحَكَى الْمَسْعُودِيُّ (¬19): أَنَّهُ كَانَ فِي أَعْلَى صَعِيدِ مصر رجل من القبط
¬_________
(¬1) في (م): "يحييني".
(¬2) في (خ) و (ط): "لمثل".
(¬3) في (خ) و (ط): "ذكرت".
(¬4) ساقطة من (م).
(¬5) ما بين المعكوفين بياض في (ت).
(¬6) ساقطة من (غ) و (ر).
(¬7) ما بين المعكوفين بياض في (ت).
(¬8) في (م) و (غ): "ما".
(¬9) بياض في (ت).
(¬10) في (م): "ونفسك"، وفي (ت) الواو والنون في البياض.
(¬11) في (خ) و (ط): "وميثاقك".
(¬12) ساقطة من (ت).
(¬13) نصف الكلمة الأول يقع في البياض في (ت).
(¬14) في (ت): "أصيلاً".
(¬15) ذكر هذه القصة بتمامها الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص127).
(¬16) ما بين المعكوفين ساقط من (ط).
(¬17) سورة المائدة: آية (104).
(¬18) سورة الشعراء: الآيتان (72 ـ 74).
(¬19) هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي من ذرية ابن مسعود، عداده في البغاددة، نزل مصر مدة، وكان أخبارياً، صاحب ملح وغرائب وعجائب وفنون، وله كتاب مروج الذهب وغيره من التواريخ، كان معتزلياً. مات سنة 345هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (15/ 569)، شذرات الذهب (2/ 371)، العبر (2/ 269).

الصفحة 273