كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

ظهر عناده، لأنه مع هذا الفرق لَمْ يَرْضَ بِهَذَا الطَّارِئِ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَهُ كَانَ (¬1) ذَلِكَ لِهَوًى دَاخَلَهُ، وَتَعَصُّبٍ جَرَى فِي قَلْبِهِ مَجْرَى الكَلَب (¬2) فِي صَاحِبِهِ، وَهُوَ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ لَمْ يَبْعُدْ (¬3) أَنْ يَنْتَصِرَ لِمَذْهَبِ صَاحِبِهِ، وَيُحَسِّنَهُ (¬4)، وَيَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِأَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي عُمُومِيَّتِهِ. وَحُكْمُهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ قَبْلَهُ.
فَأَنْتَ تَرَى صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ بُعِثَ إِلَى أصحاب (¬5) أهواء (¬6) وبدع قد (¬7) اسْتَنَدُوا إِلَى آبَائِهِمْ وَعُظَمَائِهِمْ فِيهَا، وَرَدُّوا مَا جَاءَ (بِهِ النَّبِيُّ) (¬8) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَطَّى عَلَى قُلُوبِهِمْ رَيْنُ الْهَوَى حَتَّى (الْتَبَسَتْ عَلَيْهِمُ الْمُعْجِزَاتُ) (¬9) بِغَيْرِهَا ـ كَيْفَ صَارَتْ شَرِيعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ (¬10) وَالْعُمُومِ، وَصَارَ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ مَسُوقًا (¬11) إِلَى النَّارِ (عَلَى الْعُمُومِ) (¬12)، مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْمُعَانِدِ صَرَاحًا وَغَيْرِهِ، وَمَا (¬13) ذَاكَ إِلَّا لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، بِمُجَرَّدِ بَعْثَتِهِ (¬14) وَإِرْسَالِهِ لَهُمْ مُبَيِّنًا لِلْحَقِّ الَّذِي خَالَفُوهُ. فَمَسْأَلَتُنَا شَبِيهَةٌ بِذَلِكَ، فَمَنْ أَخَذَ بِالْحَزْمِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَمَنْ تَابَعَ الْهَوَى خيف عليه الهلاك، وحسبنا الله.
¬_________
=معطوف على الاحتياط، وإن كان غير مهموز فهو معطوف على أخذ، على أنه فعل ماض.
(¬1) ساقطة من (غ).
(¬2) هو الداء المعروف، وتقدم (ص231).
(¬3) في (غ) و (ر): "يعد".
(¬4) ساقطة من (ط).
(¬5) غير واضحة في (ت).
(¬6) في (م): "أهوى".
(¬7) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "وقد".
(¬8) غير واضح في (ت).
(¬9) ما بين المعكوفين غير واضح في (ت).
(¬10) في (ت): "الطلاق".
(¬11) في (غ): "مسبوقاً".
(¬12) ساقط من (غ).
(¬13) في (م) و (ت) و (غ): "ما" بدون الواو.
(¬14) في (غ): "بعثته إليهم"، وفي (ر): "بعثه".

الصفحة 279