كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

الَّتِي أُمِرَ (¬1) بِاتِّبَاعِهَا ـ وَهِيَ النَّاجِيَةُ ـ مَا عَلَيْهِ العموم [وجماعة الناس في كل زمان وإن خالف السلف الصالح] (¬2)، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْجَمَاعَةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ (¬3).
وَكَذَبُوا عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (¬4)، أَوْ وَهِمُوا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
فَكُنْتُ (عَلَى حَالَةٍ) (¬5) تُشْبِهُ حَالَةَ الْإِمَامِ الشَّهِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُطَّة (¬6) الْحَافِظِ مَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ، إِذْ حَكَى عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: "عَجِبْتُ مِنْ حَالِي فِي سَفَرِي وَحَضَرِي (¬7) مَعَ الْأَقْرَبِينَ مِنِّي وَالْأَبْعَدِينَ، وَالْعَارِفِينَ وَالْمُنْكِرِينَ، فَإِنِّي وَجَدْتُ بِمَكَّةَ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَمَاكِنِ أَكْثَرَ مَنْ لَقِيتُ بِهَا ـ مُوَافِقًا أَوْ مُخَالِفًا ـ دَعَانِي إِلَى مُتَابَعَتِهِ عَلَى مَا يَقُولُهُ، وَتَصْدِيقِ قَوْلِهِ، وَالشَّهَادَةِ لَهُ، فَإِنْ كُنْتُ صدّقته (¬8) فِيمَا يَقُولُ وَأَجَزْتُ لَهُ ذَلِكَ ـ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ هَذَا الزَّمَانِ ـ سَمَّانِي مُوَافِقًا، وَإِنْ وَقَفْتُ فِي حَرْفٍ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ فِي (¬9) شَيْءٍ مِنْ فِعْلِهِ سَمَّانِي مُخَالِفًا، وَإِنْ ذَكَرْتُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وارد (¬10)، سمّاني خارجياً (¬11)، وإن قرئ عليّ حديث (¬12) في التوحيد سمّاني
¬_________
(¬1) في (خ): "أمرت".
(¬2) ما بين المعكوفين زيادة من (ر).
(¬3) سيذكر المؤلف الأحاديث في الحثّ على الجماعة، وأقوال العلماء في المراد بها، في الباب التاسع، وذلك في المسألة السادسة عشرة والسابعة عشرة منه (2/ 258 ـ 267) من المطبوع.
(¬4) في (ر): "وكذبوا في جميع ذلك عليّ".
(¬5) ما بين المعكوفين ساقط من أصل (ت)، ويظهر استدراك الناسخ له في الهامش.
(¬6) هو عبد الرحمن بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده بن بطه العبدي الأصبهاني، إمام، محدث، مصنّف، كان سيفاً على أهل البدع، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر. مات سنة (470هـ).
انظر: السير للذهبي (18/ 349)، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (3/ 28)، تكملة الإكمال لابن نقطة (1/ 304).
(¬7) في (ت): "في حضري وسفري".
(¬8) في (م): "صدقت".
(¬9) في (م) و (ت): "وفي" بدل قوله "أو في".
(¬10) ساقطة من (ت).
(¬11) تقدم التعريف بالخوارج (ص11).
(¬12) هكذا في (م) و (خ) و (ت) وفي (ط): "قرأت عليه حديثاً"، وهي هكذا في هامش (خ)، ويظهر التعديل في نسخة (ت) إلى ما في (ط).

الصفحة 28