كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فصل
وَلْنَزِدْ هَذَا الْمَوْضِعَ شَيْئًا مِنَ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ أَكِيدٌ، لِأَنَّهُ (¬1) تَحْقِيقُ مَنَاطِ (¬2) الْكِتَابِ وَمَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَسَائِلِ. فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ:
إِنَّ لَفْظَ "أَهْلِ الْأَهْوَاءِ"، وَعِبَارَةَ "أَهْلِ الْبِدَعِ" إِنَّمَا تُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى الَّذِينَ ابْتَدَعُوهَا، وَقَدَّمُوا (¬3) فِيهَا شَرِيعَةَ (¬4) الْهَوَى، بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالنَّصْرِ لَهَا، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي زَعْمِهِمْ، حَتَّى عُدَّ خِلَافُهُمْ خِلَافًا، وَشُبَهُهُمْ مَنْظُورًا فِيهَا، وَمُحْتَاجًا إِلَى رَدِّهَا وَالْجَوَابِ عنها، كما تقول فِي أَلْقَابِ الْفِرَقِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ (¬5) وَالْقَدَرِيَّةِ (¬6) وَالْمُرْجِئَةِ (¬7) والخوارج (¬8) والباطنية (¬9) ومن أشبههم فإنها (¬10) أَلْقَابٌ لِمَنْ قَامَ بِتِلْكَ النِّحَلِ، مَا بَيْنَ مُسْتَنْبِطٍ لَهَا، وَنَاصِرٍ لَهَا، وَذَابٍّ عَنْهَا، كَلَفْظِ "أَهْلِ (¬11) السُّنَّةِ"، إِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى نَاصِرِيهَا (¬12)، وَعَلَى من استنبط على وفقها، والحامين (¬13) لذمارها (¬14).
¬_________
(¬1) في (م) و (غ): "فإنه".
(¬2) مناط الشيء علته. انظر: علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (ص68).
(¬3) في (م) و (ت): "وأقوموا"، وفي هامش (ت): "وقدموا"، وفي (غ) و (ر): "وأقاموا".
(¬4) في (غ) و (ر): "شرعة".
(¬5) تقدم التعريف بهم (ص29).
(¬6) تقدم التعريف بهم (ص11).
(¬7) تقدم التعريف بهم (ص27).
(¬8) تقدم التعريف بهم (ص11).
(¬9) تقدم التعريف بهم (ص28).
(¬10) في (خ) و (ت) و (ط): "بأنها".
(¬11) ساقطة من (ر).
(¬12) في (ر): "ناصر لها".
(¬13) في (م) و (غ): "والحاملين على لذمارها"، وفي (ت): "والحاملين لذمارها". قال في الصحاح: الذمار: ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه. (2/ 665).
(¬14) وكذلك يدخل العوام في مسمى أهل السنة والجماعة، إذا اقتدوا بأئمة أهل السنة وهم الصحابة وخيار التابعين وأهل الحديث.
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (2/ 271).

الصفحة 280