كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

الْوَاثِقِ (¬1)، وَكَمَا اتَّفَقَ لِعُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْأَنْدَلُسِ إِذْ صارت ولايتها للمهدويين (¬2)، فَمَزَّقُوا (¬3) كُتُبَ الْمَالِكِيَّةِ، وَسَمَّوْهَا كُتُبَ الرَّأْيِ، وَنَكَّلُوا بِجُمْلَةٍ مِنَ الْفُضَلَاءِ بِسَبَبِ أَخْذِهِمْ فِي الشَّرِيعَةِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانُوا هُمْ مُرْتَكِبِينَ لِلظَّاهِرِيَّةِ (¬4) الْمَحْضَةِ، الَّتِي هِيَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِدْعَةٌ ظَهَرَتْ بَعْدَ المئتين من الهجرة (¬5)، ويا ليتهم وقفوا (¬6) على (¬7) مَذْهَبَ دَاوُدَ (¬8) وَأَصْحَابِهِ، لَكِنَّهُمْ (¬9) تَعَدَّوْا ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالُوا بِرَأْيِهِمْ، وَوَضَعُوا لِلنَّاسِ مَذَاهِبَ لَا عَهْدَ لَهُمْ (¬10) بِهَا فِي الشَّرِيعَةِ، وَحَمَلُوهُمْ عَلَيْهَا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا، حَتَّى عَمَّ دَاؤُهَا فِي النَّاسِ، وَثَبَتَتْ (¬11) زَمَانًا طَوِيلًا، ثُمَّ ذَهَبَ مِنْهَا جملة، وبقيت أخرى إلى اليوم.
¬_________
=انظر: البداية والنهاية لابن كثير (10/ 333)، سير أعلام النبلاء (11/ 169)، العبر (1/ 431).
(¬1) هو الخليفة العباسي أبو جعفر هارون بن المعتصم بالله، ولى الأمر بعهد من أبيه سنة 227هـ، وقد استولى أحمد بن أبي دؤاد على الواثق، وحمله على التشدد في المحنة، والدعاء إلى خلق القرآن، وقيل إنه رجع عن ذلك قبيل موته. وكانت خلافته خمس سنين ونصفاً، وقد مات سنة 232هـ.
انظر: البداية والنهاية (10/ 321)، سير أعلام النبلاء (10/ 306)، تاريخ بغداد (14/ 15).
(¬2) في (خ) و (ط): "للمهديين"، وهم أتباع المهدي المغربي. وقد تقدم التعريف به (ص312).
(¬3) في (غ) و (ر): "فخرقوا".
(¬4) تقدم التعريف بالظاهرية في المقدمة (ص28).
(¬5) وممن حكم على هذا المذهب بالبدعة الإمام ابن العربي، بل عدهم فرقة من الخوارج، مكفرة على أحد الوجهين.
انظر: عارضة الأحوذي (10/ 10)، وكذلك الإمام ابن رشد كما في المعيار المعرب للونشريسي (2/ 341)، ولكن قول المالكية شديد في الظاهرية بسبب العداء المذهبي. وقد قال الذهبي في السير عنهم: " ... وبكل حال فلهم أشياء أحسنوا فيها، ولهم مسائل مستهجنة يشغب عليهم بها". السير (13/ 106).
(¬6) في (خ) و (ت) و (ط): "وافقوا".
(¬7) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬8) هو داود بن علي بن خلف الأصبهاني، رئيس أهل الظاهر، سمع الحديث وارتحل وناظر وصنف، وكان ورعاً زاهداً. توفي سنة 270هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (13/ 97)، البداية والنهاية (11/ 51)، وفيات الأعيان (2/ 255).
في (غ): "لكن".
(¬9) ساقطة من (م) و (ت) و (غ).
(¬10) في (م) و (خ) و (ت): "وثبت".

الصفحة 292