كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

وَلَعَلَّ الزَّمَانَ يَتَّسِعُ إِلَى ذِكْرِ جُمْلَةٍ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ بِحَوْلِ اللَّهِ (¬1).
فَهَذَا (¬2) الْوَجْهُ الْوِزْرُ فِيهِ أَعْظَمُ (¬3) مِنْ مُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ (¬4) مِنْ وجهين:
الأول: الإخافة والإكراه بالإيلام (¬5) وَالْقَتْلِ.
وَالْآخَرُ: كَثْرَةُ الدَّاخِلِينَ فِي الدَّعْوَةِ، لِأَنَّ الْإِعْذَارَ وَالْإِنْذَارَ الْأُخْرَوِيَّ قَدْ لَا يَقُومُ لَهُ كَثِيرٌ (مِنَ النُّفُوسِ) (¬6)، بِخِلَافِ الدُّنْيَوِيِّ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ شُرِعَتِ الْحُدُودُ وَالزَّوَاجِرُ فِي الشَّرْعِ، وَ (إِنَّ اللَّهَ (¬7) يَزَعُ (¬8) بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُهُ (¬9) بِالْقُرْآنِ) (¬10)، فالمبتدع إذا (¬11) لم ينتهض (¬12) لإجابة (¬13) دَعْوَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ الَّذِي يَعِظُ (¬14) بِهِ (¬15)، حَاوَلَ الِانْتِهَاضَ بِأُولِي الْأَمْرِ، لِيَكُونَ (¬16) ذَلِكَ أَحْرَى بالإجابة.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْبِدْعَةِ حَقِيقِيَّةً أَوْ إِضَافِيَّةً، فَإِنَّ الْحَقِيقِيَّةَ أَعْظَمُ وِزْرًا، لِأَنَّهَا التي باشرها النهي (¬17) بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَلِأَنَّهَا (¬18) مُخَالَفَةٌ مَحْضَةٌ، وَخُرُوجٌ عَنِ السنة ظاهر، كالقول بالقدر (¬19)، والقول (¬20) بالتحسين
¬_________
(¬1) سوف يتكلم المؤلف عنهم في المجلد الثاني من المطبوع (2/ 90 ـ 92، 226، 348).
(¬2) في (م): "فهو ذا".
(¬3) في (م) و (غ): "أعظم فيه الوزر".
(¬4) في (خ): "الدعوى".
(¬5) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "بالإسلام".
(¬6) ساقط من (غ).
(¬7) سقط لفظ الجلالة من (م) وأصل (ت)، وكتب في هامش (ت).
(¬8) في (خ) و (ط): "ليزع".
(¬9) في (م): "ينزع"، وفي (ت) و (غ): "يزع".
(¬10) انظر: تاريخ ابن شبّة (3/ 988).
(¬11) في (ت): "إذ".
(¬12) في (غ): "ينتضر"، وفي بقية النسخ: "ينتصر" عدا (ر).
(¬13) في (ط): "بإجابة".
(¬14) في (م): "بعضه"، وفي (ت): "يعضه"، وفي (غ) و (ر): "يقص".
(¬15) ساقطة من (غ).
(¬16) في (غ): "فيكون".
(¬17) في (خ) و (ط): "المنتهي"، وفي (م) و (ت): "المنهي".
(¬18) في (خ) و (غ): "لأنها" بدون الواو، وفي (ت): كتبت الواو بين السطرين.
(¬19) تقدم التعريف بالقدرية (ص11).
(¬20) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).

الصفحة 293