كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (¬1): مِثْلَ مَا يُصْنَعُ عِنْدَنَا إِلَى الْيَوْمِ (¬2).
فَهَذِهِ (¬3) مُحْدَثَةٌ (¬4) ـ أَعْنِي وَضْعَهُ فِي الْمَسْجِدِ ـ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَسْجِدِ مَشْرُوعَةٌ (¬5) فِي الجملة، معمول به، إِلَّا أَنَّ تَخْصِيصَ الْمَسْجِدِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ هُوَ (¬6) الْمُحْدَثُ.
وَمِثْلُهُ وَضْعُ الْمَصَاحِفِ فِي زماننا للقراءة فيها (¬7) يوم الجمعة وتحبيسها على ذلك القصد.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا ظَاهِرَةَ الْمَأْخَذِ أو مشكلة، فلأن الظاهرة عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا مَحْضُ مُخَالَفَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مشكلة فليست بمحض مخالفة، لإمكان ألا تَكُونَ بِدْعَةً، وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْمُحْتَمَلِ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الظَّاهِرِ (¬8)، وَلِذَلِكَ عَدَّ الْعُلَمَاءُ تَرْكَ الْمُتَشَابِهِ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَنَبَّهَ الْحَدِيثُ (¬9) عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمُتَشَابِهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْحَرَامِ، فَهُوَ حِمًى لَهُ، وأن من (¬10) وَاقَعَ (¬11) المتشابه وَقَعَ (¬12) فِي الْحَرَامِ، وَلَيْسَ (¬13) تَرْكُ الْحَرَامِ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْدُوبِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْفِعْلِ الْمُشْتَبَهِ فِي الْبِدْعَةِ، فَالتَّفَاوُتُ بينهما بين.
¬_________
(¬1) هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، شيخ المالكية، وقاضي الجماعة بقرطبة، كان فقيهاً عالماً عارفاً بالفتوى، بصيراً بأقوال أئمة المالكية، نافذاً في علم الفرائض والأصول، صنف شرح العتبية فبلغ فيه الغاية. توفي سنة 520هـ.
انظر: السير (19/ 501)، العبر (4/ 47)، شجرة النور الزكية (1/ 129).
(¬2) البيان والتحصيل (18/ 130).
(¬3) في (غ) و (ر): "فهذا".
(¬4) في (م) و (غ) و (ر): "محدث".
(¬5) في (م) و (خ) و (ت): "مشروع".
(¬6) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬7) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(¬8) في (ت): "الظر".
(¬9) هو حديث النعمان بن بشير: "الحلال بين والحرام بين .. "، وتقدم تخريجه (ص199).
(¬10) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬11) في (خ) و (ط): "راتع"، كتب في هامش (خ): "وإن واقع المتشابه واقع" على أنها نسخة أخرى، وفي (ت): "وأن قدم واقع .. ".
(¬12) في (خ) و (ط): "راتع".
(¬13) في (خ): "وليس في ترك .. ".

الصفحة 295