كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

أحدهما: أن (¬1) يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَعَارِضَيْنِ إِذْ تَقَدَّمَ (¬2) أَوَّلًا أَنَّ أَدِلَّةَ الذَّمِّ تَكَرَّرَ عُمُومُهَا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ (¬3)، وَإِذَا (¬4) تَعَاضَدَتْ (¬5) أَدِلَّةُ الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ (¬6) تَخْصِيصٍ، لَمْ يُقْبَلْ (¬7) بعد ذلك التخصيص.
والثاني: على التنزل (¬8) بفقد (¬9) التَّعَارُضِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الِاسْتِنَانَ بِمَعْنَى الِاخْتِرَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ مِنَ السنة النبوية، وذلك من وجهين (¬10):
أحدهما: أن السبب الذي لأجله جاء (¬11) الْحَدِيثُ هُوَ الصَّدَقَةُ الْمَشْرُوعَةُ، بِدَلِيلِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ (جَرِيرِ) (¬12) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ (¬13) ـ أو العباء (¬14) ـ متقلدي السيوف، عامتهم من (¬15) مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر (¬16) وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى بهم (¬17) مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فأذن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (¬18) الآية،
__________
(¬1) في (ط): "أنه".
(¬2) في (م) و (غ) و (ر): "إذ قد مر".
(¬3) في (ط): "تخصيصن".
(¬4) في (م) و (غ) و (ر): "إذا" بدون الواو.
(¬5) في (خ) و (ت) و (ط): "تعارضت".
(¬6) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬7) في (م) و (غ): "تقبل".
(¬8) في (خ): "التنزيل".
(¬9) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "لفقد".
(¬10) في (خ) و (ط): "وذلك لوجهين".
(¬11) في (خ) و (ط): "جاء لأجله".
(¬12) في جميع النسخ "جابر"، والصواب المثبت إذ هو راوي الحديث.
(¬13) في (خ) و (ت): "الثمار"، وهو خطأ، والصواب المثبت.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: (النمار بكسر النون جمع نمرة بفتحها، وهي ثياب صوف فيها تنمير، والعباء بالمد وبفتح العين جمع عباءة وعباية لغتان وقوله مجتابي النمار أي خرقوها وقوروا وسطها) (7/ 102).
(¬14) في (غ): "والعباء".
(¬15) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬16) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "فقمص". وهي خلاف الرواية أيضاً.
(¬17) في (خ) و (ت) و (ط): "لما راءهم".
(¬18) سورة النساء: آية (1).

الصفحة 312