كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فصل (¬1)
وَمِمَّا يُورَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَسَّمُوا الْبِدَعَ بِأَقْسَامِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْخَمْسَةِ، وَلَمْ يَعُدُّوهَا قِسْمًا وَاحِدًا مَذْمُومًا، فَجَعَلُوا مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ وَمَكْرُوهٌ وَمُحَرَّمٌ.
وَبَسَطَ ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ (¬2) بَسْطًا شَافِيًا (¬3)، وَأَصْلُ مَا أَتَى به من ذلك لشيخه (¬4) عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (¬5)، وَهَا أَنَا آتِي بِهِ عَلَى نَصِّهِ، فَقَالَ: "اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ ـ فِيمَا رَأَيْتُ ـ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (¬6) وَغَيْرُهُ (¬7)، وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، وَأَنَّهَا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ وَاجِبٌ، وَهُوَ مَا تَنَاوَلَتْهُ قَوَاعِدُ الْوُجُوبِ وَأَدِلَّتُهُ مِنَ الشرع، كتدوين القرآن
¬_________
(¬1) ويذكر المؤلف في هذا الفصل القائلين بانقسام البدع إلى أقسام الشريعة الخمسة، ثم يشرع في الرد عليهم (ص356).
(¬2) هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس، شهاب الدين الصنهاجي القرافي، من علماء المالكية، له مصنفات جليلة في الفقه والأصول منها أنوار البروق في أنواء الفروق، وكتاب الفروق، وكتاب الذخيرة، توفي سنة 684هـ.
انظر: الأعلام للزركلي (1/ 94 ـ 95)، حسن المحاضرة للسيوطي (1/ 316)، الديباج المذهب (1/ 236).
(¬3) وذلك في كتابه الفروق (4/ 202 ـ 205).
(¬4) في (م) و (خ) و (ط): "شيخه".
(¬5) تقدمت ترجمته رحمه الله (ص24).
(¬6) هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، المالكي، ويقال له: مالك الصغير وكان أحد من برز في العلم والعمل، وهو الذي لخص المذهب، صنف النوادر والزيادات، والعتبية، والرسالة وغيرها. توفي رحمه الله سنة 389هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (17/ 10)، النجوم الزاهرة (4/ 200)، شذرات الذهب (3/ 131).
(¬7) ومن المواضع التي ذكر فيها ابن أبي زيد ذم البدع وأهلها ما ذكره في كتابه الجامع في السنن والآداب (ص105 ـ 126).

الصفحة 321