كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

بِالْمُخَالَفَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يَضَعَ غَيْرَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى تَحْفَظُ النِّظَامَ.
وَلِذَلِكَ (¬1) لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ وَجَدَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَدِ اتَّخَذَ الْحُجَّابَ، وَاتَّخَذَ الْمَرَاكِبَ النَّفِيسَةَ، وَالثِّيَابَ الْهَائِلَةَ الْعَلِيَّةَ (¬2)، وَسَلَكَ مَا سَلَكَهُ الْمُلُوكُ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذلك، فقال له (¬3): إِنَّا بِأَرْضٍ نَحْنُ فِيهَا مُحْتَاجُونَ لِهَذَا، فَقَالَ لَهُ: لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ، وَمَعْنَاهُ أَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِكَ هَلْ أَنْتَ مُحْتَاجٌ إِلَى هَذَا (¬4) (فيكون حسناً (¬5)، أَوْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ) (¬6)، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ الْأَئِمَّةِ وَوُلَاةِ الأمور تختلف باختلاف الأمصار والأعصار (¬7) والقرون والأحوال.
فَكَذَلِكَ يُحْتَاجُ (¬8) إِلَى تَجْدِيدِ زَخَارِفَ وَسِيَاسَاتٍ لَمْ تَكُنْ قَدِيمَةً، وَرُبَّمَا وَجَبَتْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.
القسم الرابع: بدع (¬9) مَكْرُوهَةٌ، وَهِيَ مَا تَنَاوَلَتْهُ أَدِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا، كَتَخْصِيصِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ أَوْ غَيْرِهَا بنوع من العبادة، ولذلك جاء (¬10) في الصحيح، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَخْصِيصِ يَوْمِ الجمعة بصيام، أو ليلته (¬11) بِقِيَامٍ (¬12).
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ المحدودات، كما ورد في
¬_________
(¬1) في (م) و (ت): "وكذلك".
(¬2) في (غ) و (ر): "العالية".
(¬3) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬4) في (خ) و (ط): "محتاج إليه".
(¬5) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬6) ما بين المعكوفين ساقط من (خ) و (ت) و (ط).
(¬7) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬8) في (م): "تحتاجون"، وفي (غ) و (ر): "يحتاجون".
، والتنبيه والإشراف للمسعودي (245 ـ 246).
(¬9) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬10) في (خ) و (ت) و (ط): "ليله".
(¬11) رواه الإمام مسلم في كتاب الصيام من صحيحه، باب كراهة إفراد يوم الجمعة بصوم لا يوافق عادته عن أبي هريرة (8/ 18 ـ 19 نووي) وروى البخاري في الصحيح النهي عن صيام يوم الجمعة (1984، 1985)، والإمام أحمد في المسند عن أبي الدرداء (6/ 444).

الصفحة 323