كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

وَقَوَاعِدُهَا مِنَ الشَّرِيعَةِ، كَاتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ لِلدَّقِيقِ، فَفِي الْآثَارِ: (أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتِّخَاذُ الْمَنَاخِلِ)، لِأَنَّ تَلْيِينَ الْعَيْشِ وَإِصْلَاحَهُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، فَوَسَائِلُهُ مُبَاحَةٌ.
فَالْبِدْعَةُ إِذَا عُرِضَتْ تُعْرَضُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَدِلَّتِهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ تَنَاوَلَهَا مِنَ الْأَدِلَّةِ وَالْقَوَاعِدِ أُلْحِقَتْ بِهِ، مِنْ إِيجَابٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أو غيرهما، وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ فِيمَا يَتَقَاضَاهَا كُرِهَتْ. فَإِنَّ الْخَيْرَ (¬1) كُلَّهُ فِي الِاتِّبَاعِ، وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي الِابْتِدَاعِ (¬2). (انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ) (¬3).
وَذَكَرَ شَيْخُهُ (¬4) فِي قَوَاعِدِهِ (¬5)، فِي فَصْلِ البدع منها ـ بعد ما قَسَّمَ أَحْكَامَهَا إِلَى الْخَمْسَةِ ـ أَنَّ الطَّرِيقَ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تُعْرَضَ الْبِدْعَةُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوَاعِدِ الْإِيجَابِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَلِلْبِدَعِ الْوَاجِبَةِ أَمْثِلَةٌ:
أحدها: الاشتغال (بعلم النحو) (¬6) الَّذِي (¬7) يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَلَامُ رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك واجب، لأن حفظ الشريعة واجب، [ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو وَاجِبٌ] (¬8).
وَالثَّانِي: حِفْظُ غَرِيبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ اللغة.
والثالث: تدوين أصول الفقه.
¬_________
(¬1) في (ط): "الخبر".
(¬2) ذكر هذا التقسيم الإمام القرافي في كتابه الفروق (4/ 202 ـ 205).
(¬3) ما بين المعكوفين ساقط من (ط).
(¬4) هو العز بن عبد السلام رحمه الله، وتقدمت ترجمته (ص24).
(¬5) هو كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام (2/ 195 ـ 196).
(¬6) ما بين المعكوفين ساقط من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬7) في (خ) و (ط): "بالذي". وكتبت كذلك لتستقيم العبارة، لأن ما بين المعكوفين كان ساقطاً.
(¬8) ما بين المعكوفين ساقط من (م) و (خ) و (ت) و (ط).

الصفحة 325