كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ (¬1) عَلَيْكُمْ" (¬2)، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، وَخَرَّجَهُ (¬3) مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. فَتَأَمَّلُوا، فَفِي هَذَا (¬4) الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا سُنَّةً، فَإِنَّ قِيَامَهُ أَوَّلًا (¬5) بِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْقِيَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ، وَامْتِنَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْخُرُوجِ خَشْيَةَ الِافْتِرَاضِ لَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا، لِأَنَّ زَمَانَهُ كَانَ زَمَانَ وَحْيٍ وَتَشْرِيعٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ إِذَا عَمِلَ بِهِ النَّاسُ بِالْإِلْزَامِ، فَلَمَّا زَالَتْ عِلَّةُ التَّشْرِيعِ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى أَصْلِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْجَوَازُ، فَلَا نَاسِخَ لَهُ. وَإِنَّمَا لَمْ يُقِمْ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَحَدِ أمرين:
إما لأنه رأى من (¬6) قيام الناس في (¬7) آخر الليل، وقوتهم (¬8) عليه ما (¬9) كَانَ أَفْضَلَ عِنْدَهُ مِنْ جَمْعِهِمْ عَلَى إِمَامٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ. ذَكَرَهُ الطَّرْطُوشِيُّ (¬10).
وَإِمَّا لِضِيقِ زَمَانِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ، مَعَ شُغْلِهِ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ (¬11)، وَغَيْرِ ذَلِكَ مما هو أوكد (¬12) من صلاة التراويح.
¬_________
(¬1) في (خ): "يعرض".
(¬2) رواه الإمام البخاري في كتاب صلاة التراويح من صحيحه، باب فضل من قام رمضان عن عائشة رضي الله عنها (4/ 250 ـ 251 فتح)، والإمام مسلم في كتاب المسافرين من صحيحه، باب الترغيب في صلاة التراويح (6/ 41 نووي)، والإمام أبو داود في كتاب الصلاة من سننه، باب في قيام شهر رمضان برقم (1373) (2/ 50)، والإمام النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار من سننه، باب قيام شهر رمضان (3/ 202)، والإمام أحمد في المسند (6/ 182 ـ 183)، والإمام مالك في الموطأ (1/ 113).
(¬3) في (غ): "خرجه".
(¬4) ساقط من (ر).
(¬5) في (خ): "أولى".
(¬6) في (خ) و (ت) و (ط): "أن".
(¬7) ساقطة من (خ) و (ط) و (ر).
(¬8) في (خ) و (ط): "وما هم به عليه"، وفي (ت): "ومن بهم عليه".
(¬9) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬10) تقدمت ترجمة الإمام الطرطوشي (ص285)، وقوله هذا في كتاب الحوادث والبدع (ص134 ـ 135). وقد راعيت في اختيار الألفاظ ما هو أقرب إلى نص الإمام الطرطوشي.
(¬11) وكذلك هذا السبب ذكره الإمام الطرطوشي في نفس الموضع السابق.
(¬12) في (ت) و (غ) و (ر): "آكد".

الصفحة 331