كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فلما تمهد الإسلام في زمان (¬1) عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرَأَى النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْزَاعًا (¬2) كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، قَالَ: لَوْ جُمِعَتِ النَّاسُ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، فَلَمَّا تَمَّ لَهُ ذَلِكَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ قِيَامَهُمْ آخِرَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ، ثُمَّ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وَإِقْرَارِهِ (¬3)، وَالْأُمَّةُ لَا تجتمع على ضلالة.
وقد نص الأصوليون على (¬4) أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ (¬5) (¬6).
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ سَمَّاهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدْعَةً، وَحَسَّنَهَا بِقَوْلِهِ: (نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هذه) (¬7)، وإذا ثبتت (¬8) بدعة ما (¬9) مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الشَّرْعِ ثَبَتَ مُطْلَقُ الِاسْتِحْسَانِ فِي البدع (¬10).
فالجواب (¬11): أنه (¬12) إِنَّمَا سَمَّاهَا بِدْعَةً بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحَالِ، مِنْ حَيْثُ تَرَكَهَا رَسُولُ (اللَّهِ صَلَّى) (¬13) اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّفَقَ أَنْ لَمْ تَقَعْ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَمَنْ سَمَّاهَا بِدْعَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَلَا مُشَاحَةَ فِي الْأَسَامِي، وَعِنْدَ ذَلِكَ لا (¬14) يَجُوزُ (¬15) أَنْ (¬16) يُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى جَوَازِ الِابْتِدَاعِ بِالْمَعْنَى الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ تَحْرِيفِ
¬_________
(¬1) في (خ) و (ط): "زمن".
(¬2) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "أوزاع: بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون". (4/ 250). وانظر الصحاح (3/ 1297).
(¬3) جزء من هذه الكلمة واقع في البياض في نسخة (ت).
(¬4) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬5) بياض في (ت).
(¬6) انظر في هذه المسألة: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (1/ 322 ـ 325)، والرسالة للشافعي (472)، أصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي (1/ 586)، أصول الفقه للشيخ أبي زهرة (ص208).
(¬7) تقدم تخريجه (ص50).
(¬8) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "ثبت".
(¬9) زيادة في (غ) و (ر).
(¬10) في (غ) و (ر): "الفدع".
(¬11) جزء من الكلمة في البياض في نسخة (ت).
(¬12) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬13) بياض في (ت).
(¬14) في (خ) و (ط): "فلا".
(¬15) بياض في (ت).
(¬16) بياض في (ت).

الصفحة 332