كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

ثَعْلَبًا (¬1) قَالَ: كَانَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي الدِّينِ يَعِيبُ النَّحْوَ، وَيَقُولُ: (أَوَّلُ تَعَلُّمِهِ شُغْلٌ، وَآخِرُهُ بغي (¬2) يزدري العالم بِهِ النَّاسُ)، فَقَرَأَ يَوْمًا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (¬3) (بِرَفْعِ اللَّهِ، وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ) (¬4)، فقيل له: كفرت من حيث لم (¬5) تَعْلَمُ. تَجْعَلُ اللَّهَ يَخْشَى الْعُلَمَاءَ؟ فَقَالَ: (لَا طعنت (¬6) على (¬7) علم يؤول (¬8) بي (¬9) إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا أَبَدًا).
قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (¬10): الْإِمَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ (¬11). قَالَ: وَقَدْ جَرَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَلَامٌ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَنْتَقِصُ النَّحْوِيِّينَ، فَاجْتَمَعَا فِي جِنَازَةٍ فَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} بِرَفْعِ اسْمِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: كَفَرْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ، تَعِيبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقِيمُونَ كِتَابَ اللَّهِ؟ فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنْ كُنْتُ أَخْطَأْتُ فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وَأَمَّا عِلْمُ الْمَقَايِيسِ فَأَصْلُهُ فِي السُّنَّةِ، ثُمَّ فِي علم السلف بالقياس، نعم (¬12) قَدْ جَاءَ فِي ذَمِّ الْقِيَاسِ أَشْيَاءُ حَمَلُوهَا عَلَى الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ، (وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَهُوَ عُمْدَةُ كُلِّ مُبْتَدَعٍ؛ وَأَمَّا الْجَدَلُ في
¬_________
(¬1) هو أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم، البغدادي، إمام النحو، صاحب "الفصيح والتصانيف"، وكان يقول: سمعت من القواريري مائة ألف حديث، قال الخطيب: ثقة حجة، دين صالح، مشهور بالحفظ. مات سنة 291هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 5)، معجم الأدباء (5/ 102)، النجوم الزاهرة (3/ 133).
(¬2) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬3) سورة فاطر: آية (28).
(¬4) ما بين المعكوفين ساقط من (م) و (ت) و (غ) و (ر).
(¬5) في (ط): "لا".
(¬6) في (م): "حصنت"، وفي (ت): "ضعنت".
(¬7) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬8) في (خ) و (ط): "يدل".
(¬9) ساقطة من (م) و (خ) و (ت) و (ط).
(¬10) هو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني، الإمام المقرئ، عالم الأندلس، مصنف التيسير، وجامع البيان، وكان أحد الأئمة في علم القرآن، رواياته وتفسير معانيه وإعرابه، مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو. توفي سنة 444هـ.
انظر: السير (18/ 77)، العبر (3/ 207)، معرفة القراء الكبار (1/ 325).
(¬11) غير واضحة في (خ).
(¬12) في (خ) و (ت) و (ط): "ثم".

الصفحة 340