كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

الْفِقْهِ) (¬1)، فَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَجْتَمِعُونَ لِلنَّظَرِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا لِلتَّعَاوُنِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحَقِّ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ قَبِيلِ الْمُشَاوَرَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا (¬2)، فَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِهِ.
وَأَمَّا عِلْمُ الْمَعْقُولِ بِالنَّظَرِ، فَأَصْلُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى احْتَجَّ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ لِدِينِهِ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (¬3)، وَقَوْلُهُ: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} (¬4)، وَقَوْلُهُ: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} (¬5).
وَحَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحَاجَّتَهُ لِلْكَفَّارِ بِقَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} (¬6) إلى آخرها.
وَفِي الْحَدِيثِ حِينَ ذُكِرَتِ الْعَدْوَى: (فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟) (¬7) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ؟
وَقَوْلُ عِزِّ الدِّينِ: (إِنَّ الرَّدَّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ (¬8)، وَكَذَا ((غَيْرُهُمْ) (¬9) مِنْ أَهْلِ (¬10) الْبِدَعِ) (¬11) مِنَ الْبِدَعِ الْوَاجِبَةِ) غَيْرُ جَارٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَهُوَ مِنَ المصالح المرسلة.
¬_________
(¬1) ما بين المعكوفين ساقط من (خ) و (ط).
(¬2) في (ط): "به".
(¬3) سورة الأنبياء: آية (22).
(¬4) سورة الروم: آية (40).
(¬5) سورة فاطر: آية (40).
(¬6) سورة الأنعام: آية (76).
(¬7) رواه الإمام البخاري في كتاب الطب من صحيحه، باب لا عدوى، عن أبي هريرة وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا عدوى"، فقام أعرابي فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "فمن أعدى الأول"، ورواه الإمام مسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة (14/ 213)، والإمام أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة برقم (3911) (4/ 16)، والإمام أحمد في المسند (1/ 328).
(¬8) تقدم التعريف بهم (ص11).
(¬9) زيادة من (ط)، وبها تستقيم العبارة.
(¬10) ساقطة من (ت).
(¬11) ما بين المعكوفين ساقط من (م) و (غ) و (ر).

الصفحة 341