كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فَالتَّشَبُّهُ (¬1) بِأَهْلِ الصُّفَّةِ إِذًا فِي إِقَامَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَاتِّخَاذِ الزَّوَايَا وَالرَّبْطِ لَا يَصِحُّ (¬2).
فَلْيَفْهَمِ الْمُوَفَّقُ هَذَا الْمَوْضِعَ، فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ قَدَمٍ لِمَنْ لَمْ يَأْخُذْ دِينَهُ عَنِ السَّلَفِ الْأَقْدَمِينَ، وَالْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ.
وَلَا يَظُنُّ الْعَاقِلُ أَنَّ الْقُعُودَ عَنِ الْكَسْبِ، وَلُزُومَ الرَّبْطِ مُبَاحٌ، أَوْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، أَوْ (¬3) أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، إِذْ لَيْسَ (¬4) ذَلِكَ بِصَحِيحٍ، وَلَنْ يَأْتِيَ (¬5) آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَهْدَى مِمَّا (¬6) كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا.
وَيَكْفِي (¬7) الْمِسْكِينَ الْمُغْتَرَّ بِعَمَلِ (¬8) الشُّيُوخِ (¬9) الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ (¬10) صُدُورَ هَذِهِ الطَّائِفَةِ المتصفين (¬11) بِالصُّوفِيَّةِ (¬12) لَمْ يَتَّخِذُوا (¬13) رِبَاطًا (¬14) وَلَا زَاوِيَةً، وَلَا بَنَوْا بِنَاءً يُضَاهُونَ بِهِ الصُّفَّةَ لِلِاجْتِمَاعِ عَلَى التَّعَبُّدِ وَالِانْقِطَاعِ (¬15) عَنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا كَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَالْجُنَيْدِ، وَإِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ، وَالْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ (¬16). وَالشِّبْلِيِّ (¬17)، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَابَقَ فِي هذا الميدان.
¬_________
(¬1) في (ط) و (غ): "فالتشبيه".
(¬2) في (ر): "له لا يصح".
(¬3) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(¬4) في (غ): "وليس".
(¬5) بياض في (ت).
(¬6) في (ط): "ممن".
(¬7) في (خ) و (ط): "ولا كفى".
(¬8) بياض في (ت).
(¬9) جزء من الكلمة في البياض في نسخة (ت).
(¬10) في (ط): "إلى".
(¬11) في (م): "المتسمين".
(¬12) عبارة (غ) و (ر): "المنتسبون إلى التصوف".
(¬14) (¬13) جزء من الكلمتين في البياض في نسخة (ت).
(¬15) جزء من الكلمة في البياض في نسخة (ت).
(¬16) هو أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي، صاحب التصانيف الزهدية وهو كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام، فنقم عليه، وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه، وحذر منه. مات سنة 243هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (12/ 110)، الحلية (10/ 73)، تاريخ بغداد (8/ 211)، طبقات الصوفية (ص56).
(¬17) هو دلف بن جعفر الشبلي البغدادي، صاحب الجنيد وغيره، وكان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة، وقال الشعر، وله ألفاظ وحكم وحال وتمكن. توفي سنة 334هـ.=

الصفحة 349