كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

لِدُخُولِهِ تَحْتَ جِنْسِ الْفِقْهِ، لِأَنَّهُ ـ وَإِنْ دَقَّ ـ رَاجِعٌ إِلَى مَا جَلَّ مِنَ الْفِقْهِ، وَدِقَّتُهُ وَجِلَّتُهُ إِضَافِيَّانِ، وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ.
وَثَمَّ أَقْسَامٌ أُخَرُ، جميعها يرجع: إما (¬1) إِلَى فِقْهِ شَرْعِيٍّ حَسَنٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِمَّا إِلَى ابْتِدَاعٍ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ، وَهُوَ قَبِيحٌ فِي الشَّرْعِ.
وَأَمَّا الْجَدَلُ وَجَمْعُ الْمَحَافِلِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمَسَائِلِ فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ (¬2).
وَأَمَّا أَمْثِلَةُ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ فَعُدَّ مِنْهَا زَخْرَفَةُ الْمَسَاجِدِ، وَتَزْوِيقُ الْمَصَاحِفِ، وَتَلْحِينُ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ تَتَغَيَّرُ (¬3) أَلْفَاظُهُ عَنِ الْوَضْعِ الْعَرَبِيِّ (¬4)، فَإِنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَانِ أَمْرٍ آخَرَ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ أَرَادَ مَعَ اقْتِرَانِ قَصْدِ (¬5) التَّشْرِيعِ فَصَحِيحٌ مَا قَالَ، إِذِ (¬6) الْبِدْعَةُ لَا تَكُونُ بِدْعَةً إِلَّا مَعَ اقْتِرَانِ هَذَا الْقَصْدِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ فَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا غَيْرُ بِدَعٍ.
وَأَمَّا أَمْثِلَةُ البدع المباحة: فعد منها المصافحة عقيب (¬7) صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، أَمَّا أَنَّهَا بِدَعٌ فَمُسَلَّمٌ، وَأَمَّا أَنَّهَا مُبَاحَةٌ فَمَمْنُوعٌ، إِذْ لَا دَلِيلَ فِي الشَّرْعِ يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ بِهَا، بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ، إِذْ يُخَافُ بِدَوَامِهَا إلحاقها بالصلوات (¬8) المذكورة، كما خاف مالك رحمه الله وَصْلَ سِتَّةِ أَيَّامٍ (¬9) مِنْ شَوَّالٍ بِرَمَضَانَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَعُدَّهَا مِنْ رَمَضَانَ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ.
فَقَدْ قَالَ الْقَرَافِيُّ (¬10): (قَالَ لِي (¬11) الشَّيْخُ (¬12) زَكِيُّ الدِّينِ عبد العظيم (¬13)
¬_________
(¬1) في (خ) و (ط): "إما يرجع".
(¬2) انظر: (ص371).
(¬3) في (م): "يتغير"، وفي (ت): "تحتمل الوجهين".
(¬4) في (غ): "وضع العرب".
(¬5) في (خ) و (ت) و (ط): "أصل".
(¬6) في (خ) و (ط): "إن".
(¬7) في (خ) و (ط): "عقب".
(¬8) في (ط): "الصلوات" بدون الباء.
(¬9) ساقطة من (م).
(¬10) تقدمت ترجمته رحمه الله (ص350).
(¬11) ساقطة من (خ) و (ط).
(¬12) في (ر): "شيخي الشيخ".
(¬13) هو زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي الحافظ، المحقق، كان عديم النظير في علم الحديث، وقد عمل المعجم، واختصر=

الصفحة 357