كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

لو (¬1) حضر ذلك الطعام (¬2) حاكم أو غيره أكان (¬3) يجب عليه أو يندب إلى (¬4) الْبَحْثُ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ مِنْ يَدِ وَاضِعِهِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ؟
وَلَوْ (¬5) هَتَفَ هَاتِفٌ بأن (¬6) فلاناً قتل المقتول الفلاني، أو (¬7) أَخَذَ مَالَ فُلَانٍ، أَوْ زَنَى، أَوْ سَرَقَ، أكان يجب عليه العمل بقوله؟ أو يكون شاهداً في بعض تلك (¬8) الْأَحْكَامِ؟ بَلْ لَوْ تَكَلَّمَتِ شَجْرَةٌ أَوْ حَجُرٌ بِذَلِكَ، أَكَانَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهِ؟ أَوْ يُبنى (¬9) عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ؟ هَذَا مِمَّا لَا يُعْهَدُ فِي الشَّرْعِ مِثْلُهُ. وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَوْ أَنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ادَّعَى الرِّسَالَةَ، وَقَالَ: آيتي (¬10) أن أدعو (¬11) هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتُكَلِّمَنِي، ثُمَّ دَعَاهَا فَأَتَتْ وَكَلَّمَتْهُ (¬12)، وَقَالَتْ: إِنَّكَ كَاذِبٌ، لَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهِ، لَا دَلِيلًا عَلَى كَذِبِهِ، لِأَنَّهُ تَحَدَّى (¬13) بأمر جاء (¬14) عَلَى وَفْقِ مَا ادَّعَاهُ، وَكَوْنُ الْكَلَامِ تَصْدِيقًا أَوْ تَكْذِيبًا أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ (¬15) مُقْتَضَى الدَّعْوَى، لَا حُكْمٌ لَهُ.
فَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي هَذِهِ المسألة: إذا فرضنا أن انباض (¬16) الْعِرْقِ لَازِمٌ لِكَوْنِ الطَّعَامِ حَرَامًا، لَا يَدُلُّ ذلك على الحكم (¬17) بالإمساك عنه (¬18)، إذ (¬19) لَمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرْعِ معلوم.
¬_________
(¬1) في (غ) و (ر): "فلو".
(¬2) ساقطة من (م) (خ) و (ت) و (ط).
(¬3) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "لكان".
(¬4) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(¬5) في (م) و (غ) و (ر): "أولو".
(¬6) في (ت): "فإن".
(¬7) في (م) و (ت): "و" بدل "أو".
(¬8) ساقطة من (خ) و (ت) و (ط).
(¬9) في (ت): "يبقى".
(¬10) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "إنني".
(¬11) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "أدع".
(¬12) في (غ): "فكلمته".
(¬13) في (غ): "تحرى".
(¬14) في (خ) و (ط) و (ر): "جاءه".
(¬15) في (م) و (ت): "على".
(¬16) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "انقباض".
(¬17) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "أن الحكم".
(¬18) من هنا الخط غير واضح في (غ).
(¬19) في (خ) و (ت) و (ط): "إذا".

الصفحة 361