كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ قَرَّرَ ذَلِكَ الْقُشَيْرِيُّ أَحْسَنَ (¬1) تَقْرِيرٍ، فَقَالَ: (فإن قيل: فهل يكون الولي معصوماً؟ (¬2) قِيلَ: أَمَّا وُجُوبًا كَمَا يُقَالُ فِي الْأَنْبِيَاءِ فَلَا (¬3)، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا حَتَّى لَا يُصِرَّ عَلَى الذُّنُوبِ ـ وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْهُمْ (¬4) آفَاتٌ أَوْ زَلَاتٌ ـ فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي وَصْفِهِمْ، قال: ولقد (¬5) قيل للجنيد (¬6): العارف يَزْنِي؟ (¬7) فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (¬8)) (¬9).
فَهَذَا كَلَامُ منصف، فكما يجوز على غيرهم المعاصي، فالابتداع وَغَيْرِهِ كَذَلِكَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقِفَ مَعَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، ونقف عن (¬10) الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، إِذَا ظَهَرَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ إِشْكَالٌ، بَلْ نَعْرِضُ مَا جَاءَ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَى (¬11) الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَا قَبِلَاهُ قَبِلْنَاهُ، وَمَا لَمْ يَقْبَلَاهُ تَرَكْنَاهُ، ولا علينا إذا قَامَ لَنَا الدَّلِيلُ عَلَى اتِّبَاعِ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَقُمْ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى اتِّبَاعِ (¬12) أَقْوَالِ الصُّوفِيَّةِ وَأَعْمَالِهِمْ إِلَّا بَعْدَ عَرْضِهَا، وَبِذَلِكَ وَصَّى شُيُوخُهُمْ، وإن كل (¬13) مَا جَاءَ بِهِ صَاحِبُ الْوَجْدِ وَالذَّوْقِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْعُلُومِ وَالْفُهُومِ، فَلْيَعْرِضْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ قَبِلَاهُ صَحَّ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، فَكَذَلِكَ مَا رَسَمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَأَوْجُهِ الْمُجَاهِدَاتِ، وَأَنْوَاعِ الالتزامات (¬14).
¬_________
(¬1) في (غ): "بأحسن".
(¬2) كتب في هذا الموضع في (خ) و (ط): "حتى لا يصر على الذنوب"، وهو سبق نظر من الناسخ.
(¬3) ساقطة من (م) و (خ).
(¬4) في (خ) و (ط) و (م): "معناه".
(¬5) في (خ) و (ت): "لقد" بدون الواو.
(¬6) تقدمت ترجمته (ص169).
(¬7) في (خ): "أيزنى العارف"، وفي (ت): "العارف يرب يزني".
(¬8) سورة الأحزاب: آية (38).
(¬9) انظر: هذا القول في الرسالة القشيرية (ص187).
(¬10) في (خ) و (ط): "على".
(¬11) ساقطة من (م).
(¬12) ساقطة من (غ) و (ر).
(¬13) في (م) و (خ) و (ت) و (ط): "كان".
(¬14) والأقرب من هذا كله اتباع الدليل مباشرة، ففي كتاب الله سبحانه وسنة رسوله (ص) =

الصفحة 367