كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)
كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ (¬1): "اعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ مَا حَمَلَنِي عَلَى الكَتْب إِلَيْكَ مَا أَنْكَرَ (أَهْلُ بِلَادِكَ مِنْ صَالِحِ مَا) (¬2) أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ إِنْصَافِكَ النَّاسَ، وَحُسْنِ حَالِكَ مِمَّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَيْبِكَ (لِأَهْلِ الْبِدَعِ، (وَكَثْرَةِ ذِكْرِكَ لَهُمْ) (¬3)) (¬4)، وَطَعْنِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ (¬5)، وَشَدَّ بِكَ ظَهَرَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِإِظْهَارِ عَيْبِهِمْ، وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، وأذلَّهم اللَّهُ بذلك، وصاروا ببدعتهم مستترين. فأبشر أي أَخِي (¬6) بِثَوَابِ اللَّهِ (¬7)، وَاعْتَدَّ بِهِ مِنْ أَفْضَلِ حَسَنَاتِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ. وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ، وإحياء سنّة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: "من أَحْيَا شَيْئًا مِنْ سُنَّتِي كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ" وَضَمَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ (¬8)، وَقَالَ: "أَيُّمَا داعٍ (¬9) دَعَا إِلَى هُدًى (¬10) فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يوم القيامة" (¬11).
¬_________
= انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 162)، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 260)، الكاشف للذهبي (1/ 66).
(¬1) هو الإمام العلامة، القاضي الأمير، مقدم المجاهدين، أبو عبد الله الحراني ثم المغربي، ولد بحرّان سنة 144هـ وكان أبوه الفرات بن سنان من أعيان الجند. روى أسد عن مالك الموطأ، وغلب عليه علم الرأي، وكتب علم أبي حنيفة وأخذ عنه شيخه أبو يوسف القاضي، وحصلت بأفريقية له رياسة وإمرة، وأخذوا عنه، وتفقهوا به، توفي بعدما افتتح بلداً من جزيرة صقلية سنة 213هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 220)، ترتيب المدارك (2/ 465)، وفيات الأعيان (3/ 182)، العبر (1/ 364)، الإحاطة في أخبار غرناطة (1/ 422).
(¬2) بياض في (غ).
(¬3) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(¬4) ما بين المعقوفتين بياض في (غ).
(¬5) في (ر): "لك".
(¬6) في (خ) و (ط): "يا أخي"، وفي (ت): "أيا أخي"، والمثبت هو ما في (م) و (غ)، وكذلك في البدع والنهي عنها لابن وضاح.
(¬7) في (غ): "ذلك"، ثم بياض إلى قوله: "والحج".
(¬8) مضى تخريجه مع اختلاف في اللفظ، ولم أجده بهذا اللفظ تماماً. انظر (ص34).
(¬9) ساقطة من (ت).
(¬10) في (ط): "هذه".
(¬11) رواه ابن ماجه في مقدمة سننه عن أنس، ولفظه: "أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع، فإن له مثل أوزار من اتّبعه، ولا ينقص من أوزارهم شيئاً، وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع، فإن له مثل أجور من اتّبعه، ولا ينقص من أجورهم شيئاً" (1/ 75)، وفي سنده =