كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)

فَمَنْ يُدْرِكُ ـ يَا أَخِي ـ هَذَا بِشَيْءٍ مِنْ عمله؟!
وذكر أيضاً: "إن (¬1) عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ بِهَا الْإِسْلَامُ وَلِيًّا لِلَّهِ يَذُبُّ عَنْهَا، وَيَنْطِقُ بِعَلَامَتِهَا" (¬2). فَاغْتَنِمْ يَا أَخِي هَذَا الْفَضْلَ وكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَأَوْصَاهُ، وَقَالَ: "لِأَنْ يهدي الله بك رجلاً (¬3) خَيْرٌ لَكَ مِنْ كَذَا وَكَذَا" (¬4). وَأَعْظَمَ الْقَوْلَ فِيهِ، فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ، وَادْعُ إِلَى السُّنَّةِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ أُلفة وَجَمَاعَةٌ يَقُومُونَ مَقَامَكَ إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ (¬5)، فَيَكُونُونَ أَئِمَّةً بعدك، فيكون لك ثواب ذلك إلى يوم القيامة كما جاء الأثر (¬6).
¬_________
= سعد بن سنان. قال عنه ابن حجر في التقريب: صدوق له أفراد. تقريب التهذيب (1/ 287).
ويشهد للحديث حديث أبي هريرة في مسلم وغيره بلفظ: "من دعا إلى هدى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً". صحيح مسلم بشرح النووي (8/ 62)، وقد صحح الألباني الحديث كما في صحيح الجامع برقم (2712)، (1/ 526).
(¬1) في (غ): "إن لله".
(¬2) روى هذا الأثر الإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها عن ابن مسعود وزاد: "فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكّلوا على الله" (ص11)، ورواه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: تفرّد به عبد الغفار عن سعيد وعنه عباد. انظر: الحلية (10/ 400)، وانظر: الضعفاء للعقيلي (3/ 100)، وراجع السلسلة الضعيفة للألباني (869).
(¬3) في (ط): "رجلاً واحداً".
(¬4) روى حديث معاذ رضي الله عنه الإمام أحمد في المسند بلفظ: "يا معاذ إن يهدي الله على يديك رجلاً من أهل الشرك خير لك من أن يكون لك حُمُر النعم" (5/ 238). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد عن معاذ، باب فيمن يسلم على يديه أحد. وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أن دويد بن نافع لم يدرك معاذاً (5/ 334). ولكن قد صحّ نحوه عن سهل بن سعد وهو في الصحيحين، وذلك في قصة فتح خيبر عندما أعطى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليّاً رضي الله عنه الراية، وكان مما قاله له: "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم". انظر فتح الباري، كتاب الجهاد، باب فضل من أسلم على يديه رجل (6/ 144)، وصحيح مسلم بشرح النووي في كتاب فضائل الصحابة (15/ 178)، ومسند أحمد (5/ 333).
(¬5) في (غ): "حادث".
(¬6) مرّ قريباً في نفس النص.

الصفحة 41