كتاب الاعتصام للشاطبي ت الشقير والحميد والصيني (اسم الجزء: 1)
الباب (¬1) الأول
في تَعْرِيفُ الْبِدَعِ وَبَيَانُ مَعْنَاهَا وَمَا اشْتُقَّ مِنْهُ لفظاً (¬2)
وأصل مادة بَدَعَ لِلِاخْتِرَاعِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَمِنْهُ قول الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬3)، أي مخترعهما مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ (¬4) مُتَقَدِّمٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (¬5)، أَيْ مَا كُنْتُ أَوَّلَ (¬6) مَنْ جَاءَ بِالرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ إِلَى الْعِبَادِ، بَلْ تَقَدَّمَنِي كَثِيرٌ مِنَ الرُّسُلِ. وَيُقَالُ: ابْتَدَعَ فَلَانٌ (بِدْعَةً يَعْنِي ابْتَدَأَ) (¬7) طَرِيقَةً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا سَابِقٌ. وَهَذَا أَمْرٌ بَدِيعٌ، يُقَالُ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحْسَنِ (الَّذِي لَا مِثَالَ لَهُ فِي الْحُسْنِ) (¬8)، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا هُوَ مِثْلُهُ وَلَا مَا يُشْبِهُهُ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَتِ الْبِدْعَةُ بِدْعَةً، فَاسْتِخْرَاجُهَا لِلسُّلُوكِ عَلَيْهَا هُوَ الِابْتِدَاعُ، وَهَيْئَتُهَا (¬9) هِيَ الْبِدْعَةُ، وقد يسمّى العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة.
¬_________
(¬1) في (ت): "الفصل الأول"، وصححت في هامشها.
(¬2) التبويب وما بعده ساقط من (م)، إلى قوله: "وأصل مادة بدع"، وعبارة (ت): "الفصل الأول في اشتقاق لفظ البدعة"، وعبارة (غ): "الباب الأول في تحقيق البدعة".
(¬3) سورة البقرة، آية (117).
(¬4) ساقطة من (م) و (خ) و (غ) و (ر)، وأثبتت في هامش (خ).
(¬5) سورة الأحقاف، آية (9).
(¬6) بياض في (غ)، وأثبتت في هامشها.
(¬7) ساقط من (غ).
(¬8) ساقط من (غ).
(¬9) في (م): "وهيتها".
الصفحة 45