كتاب شرح مسند الشافعي (اسم الجزء: 1)

إحداهما: جواز الاغتراف من الماء القليل للغسل والوضوء.
والثانية: اغتساله بذلك القدر من الماء، والقدح يوضع موضع الإناء، وفي بعض الراويات: كان يغتسل من إناء وهو الفَرَقُ (¬1).
وقول ابن عمر: "إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -[جميعًا] (¬2) " يريد كل رجل مع امرأته، وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد، وكذلك ورد في بعض الروايات، ومثل هذا اللفظ يراد به أنه كان مشهورًا في ذلك العهد، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينكر عليه ولا يغيِّره.
واحتج الشافعي بهذِه الأحاديث على أنه لا بأس بأن يتطهر الرجل بالماء الذي تتطهر به المرأة ويبقى منه؛ لأنهما إذا كانا (1/ ق 7 - ب) يغتسلان من إناء واحد فكل واحد منهما يغتسل بما يبقيه الآخر (¬3)، وما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة (¬4): منهم من لم يصححه مرفوعًا، وقال: أنه موقوف على الحكم بن عمرو والغفاري وغيره (¬5)، ومنهم من قال: الأحاديث الدالة على الجواز أصح إسنادًا وأشهر فالأخذ بها أولى، وربما حمل النهي على الماء الذي استعملته في أعضائها.
¬__________
(¬1) أخرجها مسلم (319/ 40) من طريق مالك، عن الزهري.
(¬2) سقط من "الأصل".
(¬3) "الأم": 1/ 7.
(¬4) رواه أبو داود (82)، والترمذي (64)، والنسائي (1/ 179)، وابن ماجه (373) من طريق شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو -رَضِيَ الله عَنْهُ- قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني في "الإرواء" (11). قال ابن عبد البر في "التمهيد" (14/ 165): والذي ذهب إليه جمهور العلماء وجماعة فقهاء الأمصار أنه لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة وتتوضأ المرأة بفضله. اهـ.
(¬5) وكذا قال الدارقطني في "علله" (8/ 280 رقم 1567).

الصفحة 96